يشبه السؤال عن اهمية الثقب الاسود كالاستفسار عن الفائدة التي يجلبها التفاعل النووي للبشرية، فهل هو مجرد شيء يجب علينا ان تجنبه؟
جميع الاجسام تؤثر على بعضها البعض بقوة الجاذبية معتمدة على كتلتها، تخيل جسم ذو كتلة كبيرة جدًا يتركز في حجم صغير جدًا بحيث يكون حقل الجاذبية الذي تم إنشاؤه قويًا بما يكفي لمنع أي شيء من الهروب من براثنه – حتى الضوء ذاته.
هذا المفهوم الغريب يثير اهتمام الجميع، ولا سيما الفيزيائيين الذين يضعون نظريات حول طبيعة المادة والفضاء والوقت، وعلماء الفيزياء الفلكية الذين يبحثون عن الثقوب السوداء في الفضاء.
تنبأت نظرية النسبية العامة لأينشتاين بوجود الثقوب السوداء، والتي أظهرت أنه عندما يموت نجم هائل، فإنه يترك وراءه بقايا صغيرة كثيفة. إذا كانت الكتلة الأساسية أكثر من حوالي ثلاثة أضعاف كتلة الشمس كما أظهرت المعادلات، فإن قوة الجاذبية تغلب على جميع القوى الأخرى وتنتج ثقبًا أسود.
البحث عن الثقب الاسود
لا يمكن للعلماء مراقبة الثقوب السوداء مباشرة بواسطة التلسكوبات التي تكشف الأشعة السينية أو الضوء أو أي أشكال أخرى من الإشعاع الكهرومغناطيسي. ومع ذلك يمكننا تخمين او استنتاج وجود ثقوب سوداء ودراستها من خلال اكتشاف تأثيرها على المواد الأخرى القريبة. فإذا مرّ ثقب أسود عبر سحابة من المواد بين النجوم فسيقوم الثقب بسحب المواد بين النجوم إلى الداخل في عملية تُعرف بالتراكم.
يمكن أن تحدث عملية مماثلة إذا مر نجم بالقرب من ثقب أسود، وفي هذه الحالة يمكن للثقب الأسود أن يمزق النجم ويسحبه للداخل. وبينما تتسارع المادة المنجذبة تزيد حرارتها لتصدر الأشعة السينية التي تشع في الفضاء.
تقدم الاكتشافات الحديثة دليلًا مثيرًا للدهشة على أن الثقوب السوداء لها تأثير كبير على ما يحدث في الفضاء. فمنها تنبعث انفجارات قوية لأشعة جاما، وتلتهم النجوم القريبة، وتؤدي لتكون نجوما جديدة في بعض المناطق بينما تؤدي إلى توقفها في مناطق أخرى.
ذات صلة: ماذا يوجد داخل الثقب الاسود؟
تكون الثقوب السوداء
تتشكل معظم الثقوب السوداء من بقايا نجم كبير تلاشى في انفجار المستعر الأعظم. وتصبح النجوم الأصغر نجومًا نيوترونيه كثيفة وهي ليست ضخمة بما يكفي لاحتجاز الضوء.) ولكن إذا كانت الكتلة الكلية للنجم كبيرة بما يكفي (حوالي ثلاثة أضعاف كتلة الشمس) فيمكن إثبات أنه لا توجد قوة يمكنها الحفاظ على نجم من الانهيار تحت تأثير الجاذبية نظريًا.
ومع ذلك عند انهيار النجم يحدث شيء غريب. فمع اقتراب سطح النجم من سطح وهمي يسمى “أفق الحدث” يتباطأ الوقت. وعندما يصل السطح إلى “أفق الحدث” يبقى الوقت ثابتًا ولا يمكن للنجم أن ينهار بعد الآن.
حتى الثقوب السوداء الأكبر يمكن أن تنجم عن التصادمات النجمية. فبعد فترة وجيزة من إطلاق تلسكوب سويفت التابع لناسا في ديسمبر 2004، لاحظ وميض عابر من الضوء القوي المعروف باسم “رشقات أشعة جاما”. قام مرصد تشاندرا الفضائي وتلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا في وقت لاحق بجمع بيانات من شفق الحدث، ومن خلال الملاحظات المجمعة استنتج علماء الفلك بأن الانفجارات القوية يمكن أن تحدث عندما يصطدم ثقب أسود ونجم نيوتروني، مما ينتج عنه ثقب أسود آخر.
يمكن أن تساعدنا الثقوب السوداء على فهم الحقيقة الأساسية للكون، فهل كل شيء يمكن تخمينه أو ان الكون يدور عشوائيًا (النظرية العامة للنسبية وميكانيكي الكم). هذان الفرعان من الفيزياء يتناقضان عند الحديث عن الجاذبية الشديدة بمقاييس كمية صغيرة جدًا، ويمكن لدراسة الثقوب السوداء أن تخبرنا كيف يمكننا الجمع بين تلك النظريات في نظرية موحدة. وبدراسة الجاذبية الكمية يمكننا فهم جميع موضوعات الفيزياء الحديثة حول تركيب الكون ونظرية الأوتار.
الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن
بصرف النظر عن المنفعة العلمية الواضح، فليس من الصعب رؤية التطبيق الفعلي تماما. فالطاقة النووية يمكن استخدامها لتصنيع القنبلة الذرية او الحصول على تفاعل نووي، كذلك الثقوب السوداء يمكن تسخيرها لبناء سلاح تدمير شامل مع حوامل سوداء أو حصاد الطاقة. ناهيك عن الاحتمالات في القصص الخيالية كالسفر بين النجوم باستخدام صاروخ فضائي يعمل بوقود الثقوب السوداء، النقل الفضائي، السفر عبر الزمن.
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز