من منا لم يسمع عنها من قبل ولم يكن لديه شغف بالتعرف عليها أكثر, فهي أنقذت حياة الآلاف بل عشرات الآلاف… إنها عمليات نقل الأعضاء Organ Transplantation.
اقتصرت هذه العمليات لفترة طويلة على الأشخاص الطبيعيين فقط أما مرضى “الإيدز” AIDS (الذي ينقله فيروس يسمى HIV) كان من الصعب إجرائها عليهم, لأكثر من سبب كالآتي:
من المتعارف عليه أن المريض الذي أجريت له زراعة الاعضاء يتناول “مثبطات مناعية” immunosuppressive drugs وذلك للحد من أن يتعرف الجهاز المناعي immune system للمريض على هذا العضو على أنه جسم غريب فيقوم بتدميره, ومن المتعارف عليه أيضا أن مرضى الإيدز بالفعل لديهم تدمير في جهازهم المناعي، إذاً فلا يمكن أن نعطيهم هذه المثبطات المناعية وإلا فسوف يتدمر هذا الجهاز المناعي أكثر فأكثر مما يؤدي إلى الموت السريع لهذا المريض.
بالإضافة إلى أن زيادة الإقبال على الأعضاء السليمة أدى إلى طول فترة انتظار المريض إلى أن يجد له الأطباء عضوا مناسبا وقد تصل هذه الفترة إلى 7-10 سنوات وقد يموت هذا المريض أثناء انتظاره.
وقد لوحظ أن الأعضاء الحاملة للفيروس متاحة بكثرة كما أنها كانت ترمى بعيدا للاعتقاد الخاطئ بعدم نفعها, فقام الأطباء بعقد صفقة رابحة وهي زراعة الأعضاء الحاملة للمرض لأشخاص حاملين لهذا الفيروس أيضا HIV positive, وقد نجحت هذه العمليات, ففي بداية الأمر تمت زراعة الكلى الحاملة للفيروس لـ10 اشخاص مصابين فوجد أنهم لا يعانون من أي مشاكل في وظائف الكلى لمدة لا تقل عن 3 سنوات.
أول عملية منهم كانت في عام 2008 في جنوب أفريقيا، الإصابة بالفيروس تكون مصحوبة بأمراض مزمنة كالفشل الكلوي والفشل الكبدي, والسبب هو أن الفيروس يصاحبه أمراض في الكلى والتهاب الكبد الوبائي ج hepatitis C وتسمم القلب heart toxicity, مما يؤدي إلى الفشلين الكلوي والكبدي وهذه الأمراض تتطور سريعا في حالة مرض نقص المناعة.
ومن الجدير بالذكر أن التهاب الكبد الوبائي ج أعلى في الأشخاص المصابين بالفيروس بنسبة 30% عن غيرهم من الأشخاص الطبيعيين, كما أن التهاب الكبد مع الفشل الكبدي هما السبب الرئيسي لوفاة الكثير من الحاملين للفيروس, كما أن الفشل الكلوي قد يكون هو السبب الآخر للوفاة.
في عام 1980, وقعت أكثر من حادثة طبية للمرضى الذين خضعوا لهذه العمليات حيث أن HIV/AIDS مرض مميت…لذا في عام 1988, صدر قرار بوقف هذه العمليات واعتبارها غير شرعية.
وفي عام 2010, ومع المزيد من التجارب والأبحاث من قبل أطباء استخدموا مضادات للفيروسات antiviral drugs والتي تحد من تأثير الفيروس على العضو المنقول viral suppression…قد لاحظوا أن المرضى حاملي الفيروس الذين خضعوا لهذه العمليات يتعافون بشكل اسرع من الأشخاص الأصحاء…لذا في 2013, أعطى أوباما الفرصة للأطباء باستئناف هذه العمليات مجددا في إطار رسمي لتصبح عمليات شرعية.
وفي الشهر الجاري توفت امراة حاملة للفيروس في إحدى ولايات أمريكا, فقامت أسرتها بالتبرع بكبدها وإحدى كليتيها لمرضى حاملين للفيروس و قد نجحت هاتان العمليتان.
إعداد: مريم عبدالهادي
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز