طفل في العاشرة من عمره يلعب فوق تل من الرمال الموجود بحديقة عامة تمهيدًا لأعمال ترميمية بها “كالعادة” أثناء رحلة مدرسية. فجأة يسمع صوت اعتاد أن يسمعه في الآونة الأخيرة… “أختي في الثالثة من عمرها وتلعب في الرمال أيضًا هاهاهاها”.
كانت تلك كلمات “علي” الذي اعتاد على مضايقة “محمود”… بطل مقالنا. كعادته اكتفى محمود بالحزن وكتم غيظه وعدم القيام بأي رد فعل. أفسد عليه يومه ذلك الشقي. يعود محمود لبيته ليرتمي في حضن أمه كعادته قبل أن تسأله كيف أمضى يومه وكيف كانت رحلته وما أسعده بها… لم تفكر يومًا أن تسأله إذا ما كان هناك من يضايقه أو حتى يؤرقه في مدرسته!
تعريف التنمر اللفظي
“التنمر اللفظي” هو اسم، صفة، لقب أو تمييز عنصري من المتنمر تجاه ضحيته “المتنمر عليه” قد يظن البعض أن كلمات الاستهزاء لا تؤثر على متلقيها وأنها “مجرد كلام” وأن الجرح لا يكون إلا بعصا أو حجارة. لكن أثبتت الدراسات أن الإيذاء اللفظي شيء بالغ الخطورة ويؤثر على التكوين النفسي للضحية. بل يترك آثرًا لا يُنسى… على عكس ما يظن البعض أن الذكريات الجيدة قد تنسينا السيئة منها.
فقد اتضح أن لكل منهم نظام معالجة خاص. ففي بحث لـ “آن بولكاري” وفريقها وجدوا أن السلوك العدواني من أحد الآباء لا يُمحى بواسطة السلوك الحنون للآخر. بل أنه قد يزيد وضوح السلوك العدواني أو العنيف. وفي دراسة أخرى لـ “چون جوتمان” فأن 5 أشياء جيدة مطلوبة لتخفيف أثر شيء واحد سيء… مجرد تخفيف وليس محو. كما تؤثر المشاعر والذكريات السلبية على نمو وتكون الدماغ، كالمنطقة الأمامية من القشرة المخية.
تأثير التنمر على الاطفال
كما أن التنمر وما يصاحبه من ألم نفسي قد ثبت تأثيره على الجسد؛ أي يتسبب في ألم عضوي أيضًا! ففي تجربة لـ “إيثان كروس” استخدم فيها الرنين المغناطيسي لتصوير المناطق التي ستتأثر من المخ. اتضح أن المنطقة المتاثرة عند رؤيتك لصورة حبك القديم الذي هجرك هي نفسها المنطقة عند تطبيق حرارة معينة على ساعدك. لذلك يجب مراعاة كلامك الذي قد تصنفه على أنه مجرد دعابة والتي قد تترك أثرًا لسنوات. ففي دراسة أجريت على 2000 شخص في عمر الـ 60 وُجد أنهم يتذكرون أحداث مؤلمة لمشاعرهم ومواقف قد مضى عليها سنوات. ليس فقط الألم البدني هو ما ينتج عن التنمر اللفظي بل أيضًا التمييز بين المشاعر من الأساس. فالأطفال بالأخص قد يجدوا صعوبة في تحديد ما إذا كان شعورهم خوف، غضب، أو ألم.
علاج التنمر
فما هو الحل كي يتخلص “محمود” من عقدة “علي” زميل دراسته؟! يجب على الآباء أن يسألوا أبنائهم عما إذا تعرضوا للتنمر أو العنف اللفظي من زملائهم ولا ينتظروا قدوم الأبناء من أنفسهم لأن الكثير منهم قد يخجل من الحكي. فالحل هو:
- توعية الأبناء تجاه المشكلة ومناقشتها.
- حثهم على التواصل الاجتماعي وتكوين دائرة صداقات قد تنفعهم في تلك المواقف.
- إعلام المدرسين دون خوف كي يردعوا المتنمر.
- التصرف السريع وعدم تأجيل الموضوع.
- الرد بحزم حتى لا يظن المتنمر أنه قد احكم سيطرته.
- الرد يكون دون غضب أو خوف لكي يظهر الطفل أكثر ثقةً
- استخدام لغة الجسد للتأكيد عن طريق تواصل العين، الوقوف على مسافة مناسبة من المتنمر، صوت هادي النبرة ومخاطبة المتنمر باسمه.
إعداد: محمد فريد
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز
غير مسموح بالتعليق حاليا.