المحتويات
أستطيع القول بثقة أنه قد اعتراك الغضب أو الذهول عندما نظرت إلى العنوان، توقعت أنني قد جئت مطالبا باعتزال اللاعب “ليونيل ميسي” لكرة القدم، لكن اطمئن و تنفس الصعداء، ثم أكمل القراءة، لا مفاجآت مزعجة لليوم.
دعنا في البداية نتفق أنه لا متعة في العالم تضاهي متعة مشاهدة بطلك المفضل وهو يدك حصون الأعداء وينقذ الجميع ثم يظفر بالبطلة الحسناء في نهاية الفيلم ويتقدم للزواج منها كما هو الحال تقريبًا في كل الأعمال المرئية و القصصية حتى، لدى البعض —بل الكثير— من الناس صغارًا كانوا أم كبارًا هذا البطل هو لاعب كرة القدم المفضل لهم، وبالتبعية فالحسناء هنا هي البطولة أو الكأس. إنها الساحرة المستديرة، هكذا يطلقون على كرة القدم، وبالفعل فهي سحرت ملايين من البشر، يكفيك أن تعلم أنه يوجد بالفعل ما يقرب من 400 مليون بشري قد اصطفوا لمشاهدة كلاسيكو إسبانيا الأخير، بين قطبيها: ” ريال مدريد” و “برشلونة”.
دعنا من المقدمات الطويلة، إذا كنت من أولئك الفتية الذين لا يعبئون بمتع الحياة ويصبون مجمل طاقاتهم في تلقي العلم والاستذكار، إليك الجزء الذي قد يسترعي انتباهك: ماذا في اعتقادك يدفع لاعبي كرة القدم إلى الاعتزال وحرمان محبيهم من سحرهم؟ بالطبع سوف تكون إجابتك: لأنهم يكبرون في السن. دعنا نتطرق إلى الأعمق قليلًا؛ ماذا يحدث لأجسادنا مع التقدم في العمر؟ لاعبو كرة القدم يعيشون أزهى عصورهم في فترة نهاية العقد الثاني والعقد الثالث وبعضهم يستمر إلى بدايات العقد الرابع من العمر، قبل أن يتدنى مستواهم ويفقدون الجزء الكبير من لياقتهم البدنية، إليك بعض التغيرات التي تطرأ على بعض أجهزة الجسم المهمة لهؤلاء القوم.
الجهاز العضلي الهيكلي Musculoskeletal system
تتقلص الكتلة العضلية لدى البشر مع التقدم في العمر، يصل معدل النقص في كتلة العضلات الإرادية إلى 25% مع بلوغ سن السبعين، ومن 30 إلى 40% مع بلوغ الثمانين، هذه النسبة يمكن تقليصها بالحفاظ على النشاط المستمر والرياضة، لكنها لا مفر منها.
الأربطة و الأوتار أيضًا، تفقد مرونتها تدريجيًا، وتصبح أكثر عرضة للقطع والإصابات.
يصبح الرياضيون المخضرمون أكثر عرضة للإصابات في الملاعب لذلك تقل قدرتهم على التهور والقيام بالحركات التي كانت تستهوي معجبيهم في أيام الأمجاد القديمة.
الجهاز الدوري Cardiovascular system
وفر عليّ المقدمات الطويلة للمرة الثانية وأقنعني بأنك تعلم أهمية الجهاز الدوري لحياة البشر، وبالفعل اللياقة البدنية والأداء الجسدي، إنها كالماء للنبات حتى نختصر المسافات.
يخفق القلب بفعل العقدة الجيب أذينية “Sinoatrial node” يكفيك أن تعلم أنك تفقد منها باستمرار مع تقدمك في العمر، يصل معدل ضمورها إلى 90% عند كبار السن، مما يجعلهم أكثر عرضة لتأثير الجهاز العصبي المركزي على القلب، فيزداد تأثر معدل ضربات القلب بحالتهم النفسية.
من الصعب تجاهل مرض تصلب الشرايين، من أمراض العصر لدى الكبار، تزداد معدلات وفرص حدوثه مع تقدم العمر، وبالطبع يمكن الوقاية منها إلى حد كبير بالحفاظ على نظام غذائي متوازن وصحي، ولك مني هنا نصيحتين، الأولى: قم بمسح رقم مطعم البيتزا المفضل من على هاتفك الجوال، والثانية: لا تتظاهر بأنك لم تقرأ النصيحة الأولى.
الجهاز التنفسي Respiratory system
يبذل الرياضيون كثيرًا من الجهد في الملاعب، وبالتبعية، فهم يحتاجون إلى تهوية مناسبة لتلبية احتياجات أجسامهم الشرهة للأكسچين.
مع تقدم العمر تقل مرونة الأنسجة الداخلية للرئتين، كما تقل “السعة الحيوية” vital capacity لهما بنسبة 50% مما يعيق لياقتهم البدنية وقدرة تحملهم للمجهود البدني المستمر.
بالطبع يمتنع الرياضيون عن التدخين، إذا كنت تعتقد أنه يمكنك الحفاظ على صحة جسدك وأنت تدخن كمحرقة جثث متنقلة؛ أعتقد أنك تبالغ قليلًا.
إن التقدم في العمر والشيخوخة هي عملية في غاية التعقيد، لم أذكر منها سوى نقطة في بحر. هناك العديد من الإنزيمات المسئولة عن التغيرات المظهرية الناتجة في مختلف خلايا الجسم، بالإضافة إلى نهايات الكروموسومات “Telomeres” والتي لها الدور الكبير في الحفاظ على سلامة الكروموزومات المختلفة، لا يسعني الحديث عنها في هذا المقال الصغير، ربما كان لنا لقاء آخر إن استطعت النجاة من فتى توصيل الطلبات الذي يطرق بابي الآن.
إعداد: محمود أحمد العدل
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز