قرأت ذات مرة عن أمٍ تهتم بأنْ يُصبح أبناؤها نابغين وعلمت أنها كانت تستمع أثناء حملها إلى بعض الموسيقى وأشياء علمية لمساعدة طفلها ليخرج للعالم وهو مطَّلع لما هو مقدم عليه…
وسألت نفسي هل يُعقل هذا؟ أيمكن لطفل أن يتعلم بالرحم؟ أيمكن من الأساس أن يستمع للعالم الخارجي من بطن أُمه؟ إنه أمر عجيب، ولكنْ في الحقيقة نعم يمكن ذلك!
فعند وصول الجنين للأسبوع 16 من الحمل يصبح تركيب الأُذن كافيًا لاستقبال أصوات محددة كصوت امتلاء رئتي أمه بالهواء أو نبض قلبها أو حتى صوت الأمعاء، وبحلول الأسبوع 24 يبدأ الجنين بتحويل رأسه ناحية مصدر الصوت كنوع من أنواع التواصل، فالأمر يشبه تمامًا حينما تضع يدك على فمك وتبدأ بالتحدث وقتها سنسمع فقط إلى لحن الكلام ونَظمه ولكنْ يصعب تحديد الكلمات، حيث يحتاج الصوت من أجل الوصول إلى الجنين أن يسافر عبر أنسجة أمه مرورًا بالسائل المحيط به.
ولكنْ يظل صوت أمِه الأكثر تميًزا إليه؛ فهو يستطيع التعرف عليه، وحتى إلى كلماتها؛ لأنه ينتقل في جسمها وصولًا للجنين، فالطريق أقرب الآن، حتى أنه وُجِد أنَّ معدل ضربات قلب الجنين تزداد عند سماعه صوت الأم.
وهناك العديد من الباحثين —ممن كانوا مهتمين بدراسة سلوك الجنين— أوضحوا ذلك مستخدمين أجهزة الاستشعار وموجات الدماغ على أطفال حديثى الولادة بحثاً عن أيَّة آثار أو ذكريات عما حدث بالرحم.
فمن الطبيعي عندما تستمع لصوت فإنك تُخزنه فى ذاكرتك لحين أن تسمعه مجددًا فتتعرف عليه، وهذا ما حدث بالنسبة لجنين عندما أُعطيت أمه تسجيلًا لتقوم بتشغيله عدة مرات بالأسبوع خلال فترة الثلاثة أشهر الأخيرة بحملها، والذي كان يشمل كلمة معينة “تاتاتا” متكررة ومعها بعض الموسيقى وفي بعض الأحيان يتغير المقطع الأوسط.
وتم اختبار الطفل بعد الولادة فوجدوا أنَّ دماغه قد تعرف عليها بكل متغيراتها، من هذه النتائج وأشياء أخرى يبدو أنَّ تعلم اللغة الأم يبدأ من الرحم، فالطفل يميز اللهجة المتحدث بها في العالم المحيط، حتى إنَّ صرخة الطفل بعد الولادة تمثل في نهايتها اللهجة المتبعة، فالأطفال الفرنسيون —على سبيل المثال— تنتهي صرخاتهم بصعود كبير على عكس الألمان حيث تنتهي صرخاتهم بسقوط تقليدًا للّحن الشائع.
ذلك ما يضع الطفل على رأس الطريق لتعلم وفهم لغته الأم وأشياء أخرى بالتأكيد…
لذا أعتقد أنَّ الأبحاث القادمة ستستغل ذلك وبشدة، وستكون على النهج والخطة المتبعة فى تنفيذ الأمر الذي أستطيع أن أرى أنه ليس بالسهل.
إعداد: إنچي رستم
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز