في الوقت الذي يتعرض جسمك فيه للخطر، و أنت جالس علي الكرسي الخاص بك، ولا تدرك ما يتم بداخل جسمك الآن، فمِن المُتوقَّع أن يتدخَّل جهازك المناعي؛ لإنقاذ الموقف، و لكنَّ الجهاز المناعيَّ يحتاج مَن يحفِّزه؛ ليقوم بهذا الأمر.
الشلل الرعاش مرض عصبي سببه تلف بعض الخلايا العصبية التي تفرز (الدوبامين)، و التي تجعل حركة الجسم مختلفة عن شكلها الطبيعي، و تختلف أعراضه من شخصٍ لآخر، بل تختلف في نصف الجسم الأيمن عنها فى النصف الأيسر، و من أبرز هذه الأعراض: تصلُّب في العضلات، و بطء حركة الأطراف، و فقدان للحركات اللاإرادية، و ستصبح عملية الكتابة صعبة، و بطبيعة الحال فإن أبرز الأعراض هو الاهتزاز الملحوظ في الأطراف.
الميتوكندريا هي وحدة إنتاج الطاقة فى الخلية، و لذلك فهي من أهم العضِّيات الموجودة في الخلية، و قد ربط العلماء مرض الشلل الرعاش بعيوب في الميتوكندريا، و لكنْ ما هو الرابط بينهم ؟ و كيف تُسبِّب الميتوكندريا هذا المرض ؟ ما زال هذا الأمر غير معروف على وجه التحديد، و لكنْ هناك بعض النظريات و الآراء للعلماء تجاه هذا الموضوع، منها: أنَ مشاكل الميتوكندريا تؤدي إلى عدم توفير الطاقة اللازمة للخلايا، و منها أيضًا أنه إذا أُصيبت الميتوكندريا فإنها تفرز بعض المواد التي تؤذي الخلايا العصبية، و بالتالي يؤدي هذا إلى الإصابة بالشلل الرعاش.
أثناء تجارب العلماء في هذا الجانب قام فريق من العلماء بتعريض بعض الديدان لسُمٍّ يُدعى “روتينون”، و معروفٌ عن هذا السم في الأوساط العلمية أنَّه يقوم بتدمير الخلايا العصبية، مما يسبب الإصابة بمرض الشلل الرعاش، و كرد فعل طبيعي لتعريض هذه الديدان لهذا السم، تبدأ عملية تدمير الميتوكندريا، و بالتالي تلف الخلايا العصبية، و كانت النتيجة المتوقعة لهذه العملية أنْ تموت هذه الديدان؛ نتيجة تعرُّضها لهذه العملية، و لكنَّ الصدمة كانت أنَّ الديدان ماتت منها نسبة بسيطة جدًّا لا تتجاوز 7% من مجموع الديدان التي تعرَّضت لهذه التجربة؛ لأنَّ هذا السم لم يتمكن من تدمير كل الخلايا العصبية المفرزة للدوبامين، و قد أدهش هذا العلماءَ، و استوقفهم لدراسة هذا الأمر الغريب.
بعد دراسة الموضوع وجدوا أنَّ الجهاز المناعي للديدان قد تم تنشيطه عند تعريض الديدان للروتينون، و قد قام باستبعاد الميتوكندريا التالفة، و إيقاف تتابع الأحداث الذي ينتهي بتدمير الخلايا العصبية الخاصة بالديدان، و بالتالي تمَّ إنقاذ الديدان من الموت.
المدهش في الأمر أنَّ من قام بتحفيز و تنشيط الجهاز المناعي؛ ليتدخل، و يحسم الموقف، و ينقذ حياة الديدان المسكينة هو جهازها الهضمي، و ليس جهازها العصبي!
إذًّا لو قُمنا بدراسة هذا الموضوع، و فهمنا كيفية حدوثه في هذه الديدان، فيمكننا تطبيق الأمر أيضًا على الثدييات مثلًا، و بذلك نقوم بحمايتهم من مرضٍ خطير مثل الشلل الرعاش، أو أمراض أخرى أيضًا مرتبطة بتلف الخلايا العصبية.
إعداد: عبد الحميد أحمد
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز