لعلك قد سمعت عن بعض الحيل الدفاعية التي تستخدمها الأحياء بهدف الحفاظ على استمراريتها، و ربما وجدت منها ما هو غريب، لكنك على الأرجح لم تقابل ما يضاهي غرابة العظاءة المقرنة التي تقذف سيولًا هادرة من الدماء من عينيها تصوبها نحو أعدائها.
تبصر العظاءة ذئبًا يتسلل بالجوار، حينئذ لا تحرك ساكنًا محاولةً التخفي بجلد مزركش يعاونها في ذلك. و لكن لحظها العاثر أو ربما كان هو صاحب ذلك الحظ ينقض عليها و يوقعها أرضًا ثم يبدأ في افتراسها بحذر، و لكنه يندم على الفور؛ إذ تخرج العظاءة من عينيها شلالًا من الدماء تصوبه بدقة نحو فم الذئب، الذي يتراجع بدوره في اشمئزاز شديد محاولًا التملص، بينما تلوذ العظاءة بالفرار.
أجسام هذه العظاءات العريضة البدينة التي لا يتجاوز طولها الخمس بوصات وأرجلها القصيرة قد جعلا منها عداءات سيئات؛ لذا فهي لم تُخلق للهرب وإنما للمواجهة والدفاع. تتمايز العظاءات المقرنة في اللون والحجم وفي عدد وترتيب القرون التي تترتب على رأسها معطية إياها مظهرًا أشبه بديناصور صغير في محاولة منها لتبدو أكثر إخافة.
موطن العظاءات الحافل بالمفترسات جعلها هدفًا للعديد منهم فهي تقطن صحاري جواتيمالا والمكسيك، صحراء أريزونا وكاليفورنيا، وصولاً للبراري الجافة في جنوب كندا، لذا ما انفكت هدفًا للصقور، والأفاعي، والكلاب، والقطط البرية، والثعالب.
لأجل ذلك كان لابد لها من ترسانة قوية من الأسلحة الدفاعية؛ تصد بها هجمات تلك المفترسات، حيث يعد التخفي خط دفاعها الأول. كما أن لديها قدرة فائقة على تصنيف أعدائها واختيار الحيلة المناسبة لكل عدو طبقًا لطريقته في الهجوم.
فالأفاعي على سبيل المثال، تبتلع فريستها كلية دون الحاجة إلى تقطيعها؛ لذا تفرد العظاءة أضلعها للخارج وتنقلب على ظهرها مضاعفةً حجمها، و بمساعدة الأشواك التي تغطي جسمها يصبح من العسير على الأفعى أن تبتلع كرة كبيرة منتفخة من الشوك. أما عن الفصيلتين القططية والكلبية فقد اختصتهما بأكثر حيلها إثارة للغثيان، وهي شلالات الدماء التي تخرجها من عينيها والتي تندفع لمسافة تصل إلى ستة أقدام (مترين) قرابة عشر مرات متتالية؛ إذ تنتظر حتى اللحظة الأخيرة حين تصبح بين فكي مفترسها ثم تقذف نحوه دفقات الدماء مستهدفةً تجويف فمه حيث توجد مستقبلات خاصة بمواد كيميائية معينة موجودة في الدماء المندفعة.
تتغذى العظاءات على نوع سام من النمل يعد مصدرًا لتلك المواد الكيميائية الكريهة التي تزعج بها أعداءها. أما عن وسيلتها لقذف الدم من عينيها؛ فهي تقوم بتقليل تدفق الدم خارج رأسها، فيرتفع على اثر ذلك ضغط الدم في أوعية الوجه و بخاصة الأوعية الصغيرة في عينيها فتنفجر و يتدفق منها الدم إلى الخارج.
بجانب كل هذا، لا زال لدى العظاءات المقرنة حيلة أخيرة ضد الموت؛ إذ تنتج العديد من الصغار يصل عددها إلى ثمانية وأربعين صغيرًا في المرة الواحدة حفاظًا على نوعها من التعرض لخطر الإنقراض.
إعداد: منى أحمد
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز