من منا لم يراوده الندم ولو لمرة على دخول كلية الطب! كثيرًا ما اجهدتنا المذاكرة بل واجهدنا الإحساس بالذنب والتقصير. ذلك الألم النفسي الذي يتخطى أي ألم آخر. قد تجد في المقالات الصغيرة الآتية ما يشجعك أو يجعلك تعيد النظر في شكواك. فقديمًا كان الطب أصعب بكثير واجتهد السابقون ليوصلوا لنا ما يجهدنا الآن فهمه وحفظه.
إكتشاف الجهاز الدوري
قديمًا -وأعني بذلك- في العصور الوسطى كانت فكرة تشريح جثث الموتى غير مقبولة خصوصًا في الدول التي تعتنق الديانة المسيحية، ومن الطبيعي عند غياب المعلومات والحقائق يسهل انتشار الخزعبلات حول الأمراض، بل لم يكن حتى وظائف الأعضاء الحيوية كالقلب والرئتين أمرًا مفهومًا. عام 1242 تمكن الطبيب العربي ابن النفيس من التوصل لتركيب الجهاز الدوري للإنسان، ولكن ذلك لم يكن بصورة مكتملة الأركان. ولطبيعة إقامته بمصر فإن تلك الحقيقة لم تصل للطب الغربي حتى عام 1628 حين تمكن ويليام هارڤي من التوصل للوصف الكامل للجهاز الدوري. ليساعد بذلك العديد من الجراحين في أداء أكثر أمانًا وتصحيح الأمور الخاطئة حول الأعضاء الداخلية ووظائفها.
اكتشاف اللقاح
في البداية كانت توجد عملية تسمى التجدير وهي إحدى صور التلقيح. عُرفت تلك الطريقة بالهند وتركيا حيث استخدمت القشور الناتجة من جروح الجدري في إكساب مناعة ضده بعد إصابة الشخص بصورة أقل خطرًا من المرض الفتاك، والفتاك ليست مبالغة؛ فالجدري كان من أكثر الأمراض خطرًا وقتلًا في تاريخ البشرية. ظلت الأمور على حالها حتى عام 1798عندما جاء إدوارد چينير باكتشافه المذهل، وذلك حين لاحظ أن السيدات اللاتي تعملن بحلب الأبقار لا تصاب بالجدري، فافترض أن هناك صلةً ما وعليه أن يقوم باكتشافها. فقام بتعريض ابن البستاني لبثور بقرة مصابة بالجدري. تعرّض الطفل لحمي متوسطة اختفت تلقائيًا بعد أيام قليلة، وهو ما أثبت لإدوارد ما يدور برأسه. هنا كانت أول مرة عُرف فيها اللقاح الحديث الذي يُقدم فيه الميكروب في صورة ضعيفة عوضًا عن تعريض الشخص للصورة النشطة من الميكروب؛ وهو ما أسفر عن تقليل الضرر الذي يتعرض له الشخص.
اكتشاف اللقاح حمى البشرية من العديد من الأمراض كالحصبة والتهاب الغدة النكافية وغيرها، كما منع لقاح الحصبة -تحديدًا- وفاة طفل من كل خمسة أطفال بالمملكة المتحدة.
لا تتوقف عن التدقيق ولا تعطل حس الملاحظة والنقد لديك فقد تتمكن من التوصل لاكتشاف يفيد البشرية كما فعل إدوارد.
اكتشاف التخدير
عند تخدير المرضى قديمًا كان الجراحون يلجأون لتوجيه ضربة عنيفة للمرضى حتى يفقدوا وعيهم؛ فيتمكنوا من إجراء الجراحات عليهم. ظل الحال هكذا حتى ظهرت فكرة استخدام المخدرات الطبيعية كمادة الأفيون، والتي كانت تحمل العديد من المخاطر. في أواخر القرن الثامن عشر ظهر اكتشاف جديد؛ وهو استخدام مادة أكسيد النيتروز NO. وفي عام 1842 تمكن الطبيب Crawford W. Long من استخدام الكحول في عملية إزالة ورم لمريض يُدعى James Venable. تلي ذلك استخدام طبيب آخر هو William T. G. Morton لنفس الأسلوب في عدة تجارب وذلك عام 1846. اكتشاف المخدرات الحديثة مكن الجراحين من إجراء عمليات أكثر أمانًا فلولا ذلك لظلت طريقة الضرب هي المتبعة حتى الآن، ولكانت صفة الجزار التي تطلق على الأطباء أكثر من مجرد دعابة.
إعداد: محمد فريد
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز