من المعروف أن الفتيات هن الأكثر إصابةً بحالات الاكتئاب والأكثر إقدامًا على محاولات الانتحار.
وأنت كطالبٍ في ربيع الطب —فخورٌ بمادة الـ”توكسيكولوجي” Toxicology وبقدرتك على إسعاف جارتك التي حاولت الانتحار بأكثر من 30 قرص “أسبرين” Aspirin— ماذا ستكون ردة فعلك عندما يخبرك أحدهم أن باستطاعته التنبؤ بمحاولات انتحار الفتيات قبل حدوثها بفحص دمٍ بسيط؟
أثبت الباحثون في جامعة “بينغهامتون” Binghamton أن الفتيات اللاتي يتعرضن لحالاتٍ من الضغط النفسي، أو يصلن لمرحلة الاكتئاب، أو يمتلكن تاريخًا بمحاولات انتحار سابقة، لديهن نقصٌ في عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ —أو كما يُعرف بـ “Brain-Derived Neurotrophic Factor” أو مختصرًا كـ”BDNF”— عن الفتيات اللاتي تحظين بحياةٍ طبيعية وليس لديهن أي تاريخ بمحاولات انتحار سابقة؛ حيث قامت “أناستيشا كادينوڤا” Anastasia Kudinova— وهي طالبة متخرجة من جامعة Binghamton— ومعها “براندون إي.جيب” Brandon E. Gibb —وهو بروفيسور في علم النفس— بدراسات على 73 فتاة: 34 منهن لديهن تاريخ مسبق لمحاولات انتحار و39 منهن ليس لديهن تاريخ لمحاولات انتحار، ووجد الباحثون أنه يوجد نقص في مستويات BDNF في الحالات الأولى أما في حالة الفتيات اللاتي ليس لديهن تاريخ لمحاولات انتحار فإن مستوى BDNF طبيعي.
و يبقي السؤال هو: ماذا يكون (Brain-Derived Neurotrophic Factor (BDNF؟
هو عبارة عن بروتين يوجد في المخ وفي الدورة الدموية بوجهٍ عام، وهو مهم في تكوين ونشاط الخلايا العصبية وأيضًا في كفاءة الموصلات العصبية ما بين القوة والضعف على مدار الوقت وعلى حسب الحالة النفسية والمؤثرات الحياتية، ويؤدي نقصه في البلازما إلى خلل في النشاط العصبي والتفكير السليم بوجهٍ عام.
ومن هنا، اعتبر الباحثون أن مستوى BDNF في البلازما علامة مميزة جدًا في التنبؤ بمحاولات الانتحار؛ فقد وجدوا أنه لا يحدث نقص في مستوى BDNF إلا في حالات الضغط النفسي الشديد، أوالاكتئاب، أو محاولات الانتحار السابقة، ولا يحدث في أي مرض عضوي.
السؤال هنا هو: هل يظل مستوى BDNF قليل في حالات الفتيات المتعافيات من حالات الاكتئاب أو اللاتي أعرضن بشكلٍ تام عن محاولات الإقدام على الانتحار؟
قال البروفيسور Gibb أنه من الضروري أن نفهم إن كان مستوى BDNF يظل أقل في الفتيات اللاتي لديهن تاريخ بمحاولات انتحار مسبقة ولكنها مستقرة في الوقت الحالي أم أنه يتغير؛ موضحًا أن مستوى BDNF ليس فقط مهم لمعرفة الحالات الطارئة من الانتحار ولكن أيضًا للتنبؤ بمحاولات الانتحار التي يمكن أن تُقدم عليها تلك الفتيات في المستقبل و لمتابعتهم باستمرار.
و وضّحت Anastasia أنه هناك الكثير من العوامل التي يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار والتي يمكن أن تؤثر مبدئيًا على مستوى BDNF كالضغط النفسي، والتفكير في الانتحار، والسن، والعِرْق ، وأسلوب الحياة، والتدخين.
لذلك —طبقًا لما قاله Gibb— فإنه لازال هناك الكثير من الأبحاث على المدى البعيد للتأكد إن كانت هناك عوامل أخرى تؤثر على مستوى BDNF. كما أشار إلى أنه يجب علينا —نحن الفتيات— القيام بفحصٍ سنوي لمستوى BDNF في البلازما والاطمئنان على صحتنا النفسية كما يفعل مريض القلب عندما يطمئن على مستوى الـ”كوليستيرول” Cholesterol في الدم خوفًا من أي مضاعفات.
ترجمة وإعداد: أية فتوح
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز