اعتبره اليونان والرومان بمثابة فجر يومٍ جديد، فيما اعتبره قاطنو جنوب أوروبا فألًا سيئًا وإنذارًا لانتشار فاجعةٍ ما كالطاعون، بينما كان الصينيون -الذين يرونه نادرًا- مقتنعين أنَّ تلك الأضواء المتموجة في السماء هي صراع بين التنانين، أيًّا كانت تلك الأسطورة التي سمعْتَ بها يومًا ما فنحن بصدد محوها الآن بالتفسير العلمي لتلك الظاهرة الخلابة.. إنّه الشفق القطبي.
في الواقع تبدأ القصة بعيدًا جدًّا عن الأرض؛ تبدأ في الشمس حيث تستمر على سطحها بشكلٍ متواصل انفجارات شمسية تصل قوة بعضها إلى درجة انفصال جزء من الشمس نفسها، وانطلاقه عبر الفضاء على هيئة رياح شمسية، والتي تقع الأرض مباشرة في اتجاهها في بعض الأحيان، ولحسن الحظ فإنَّ ذلك القلب الحديدي الداخلي للأرض والذي يدور مع دورانها باستمرار يشكّل حول الأرض مجالًا مغناطيسيًّا يقع قطباه عند القطبين الشمالي والجنوبي للأرض؛ لذا عند مرور الرياح الشمسية فإنَّ المجال المغناطيسي للأرض يعمل على تشتيتها.
إلا إنَّ طاقة هذه الرياح ليست هيِّنة -فنحن نتذكر مصدرها على كل حال- لذا يمر جزء من هذه الطاقة خلال الغلاف الجوي للأرض بالتحديد عن القطبين والأماكن القريبة منهما، وعند مروره خلال الغلاف الجوي فإنه يتصادم مع جزيئات الغاز محررًا طاقة على هيئة تلك الموجات الضوئية المتموجة التي نراها، ويرجع اختلاف ألوان الشفق القطبي إلى نوع الذرة التي يتم التصادم بها، فاللون الأخضر الباهت ينتج من ذرة الأكسچين، بينما ينتج اللون الأزرق وكذلك البنفسجي المائل للحمرة من ذرات النيتروچين، وعندما نصفها بموجات ضوئية فنحن نعني أنّها تحول سماء الليل المظلمة إلى ضوء تستطيع القراءة فيه، وبهذا لا نبالغ عندما نصف الشفق القطبي بأنّه أحد أروع المظاهر الخلابة في الكون، والتي يتسنى لنا رؤيتها بالعين المجردة.
إعداد: مريم عبدالله
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز