هل تصوّرت يومًا أن يعود الحاسوب كما كان سالفًا بحجم حُجرة كاملة؟ ربما، ولكن هل معنى ذلك أنه سيصبح بطيئًا في عرض وتحليل البيانات ولن يمتلكه إلا الأغنياء، في الحقيقة هذا غير صحيح. إذًا ما الأمر؟
لكي نفهم ما هو الحاسوب الكمّي يجب أن نعي أولًا ماهية عمل الحاسوب الشخصي؟ يعمل الحاسوب الشخصي بالنظام الثنائي متخذًا قيمة واحدة فقط في كل عملية إما 1 أو 0 وهو ما يسمى بالـ”bit”، على النقيض يعمل الحاسوب الكمي بنظام يسمى الـ”qubit” أي البت الكمي، متخذًا القيمتين 1و0 وما بينهما بنفس الوقت معطيًا النتيجة أسرع مائة مليون مرة عن الحاسوب الشخصي.
لتوضيح الصورة بطريقة علمية أكثر؛ يعمل الحاسوب الكمّي على مستوى الذرة فتخيل أنه يوجد إلكترون في حقل مغناطيسي؛ وبالتالي سيتحرك بشكل عشوائي فمن الممكن أن يكون أعلى الذرة معطيًا القيمة 1، وربما أسفلها معطيًا القيمة 0، أو ليس بأعلى أو أسفل إنما في مكان بينهما معطيًا قيمة ما بين 1و 0 “superposition state”، ربما تتساءل أليس هذا عشوائيًا؟ بالطبع هو كذلك، لكن للتغلب على هذه العشوائية يجب أن يوضع الحاسوب في حجرة خاصة جدًا؛ فهو يتطلب درجة حرارة تصل إلى صفر كلڤن أي أقل من درجة حرارة الغلاف الخارجي بمقدار 2.5 كلڤن، بالإضافة إلى مكان خالٍ تمامًا من الاهتزازات؛ حتى لا تعيق حركة الإلكترون.
أما لتوضيحها عمليًا فتخيل أنك تلعب لعبة المتاهة، وهي معقدة إلى حد ما، وتريد أن تصل من النقطة A إلى B فما ستفعله هو أن تقوم بتجربة مسار تلو الآخر حتى تصل إلى النقطة B، وهو نفس المنطق الذي يتبعه الحاسوب الشخصي، لكن ما يفعله الحاسوب الكمّي هو محاولات جميع المسارات دفعة واحدة وإعطاء المسار الصحيح مباشرة.
لكن ما هي التطبيقات العملية لهذا الحاسوب ؟ أهم التطبيقات يكمن في العلوم و هو معالجة نتائج التجارب المعملية مهما بلغ حجمها في وقت قياسي، وعمليات الذكاء الاصطناعي المختلفة فبدلًا من تزويد الإنسان الآلي بمعالجات كبيرة الحجم للقيام بمهامه فسيصبح مرتبطًا بهذا الحاسوب عن طريق الإنترنت، أو اقتصادياً في توقع مدى هبوط وصعود الأسهم.
لكن يبقى لاستخدام هذه التكنولوجيا وجه آخر وهو تحطيم الخوارزميات الأمنية مهما بلغ تعقيدها كتلك المستخدمة في فك تشفير الملفات و الرسائل و الأقمار الصناعية أو على الأقل فهم خوارزمية جوجل السرية إلى الآن.
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز