في غضون 50 عامًا، هناك في الجانب الأكثر إشراقًا من العالم، يعود هذا الثري من رحلة رائعة مع رفاقه غير آبه باختبار الغد، ليس لأنه مهمل أو متأخر دراسيًا؛ بل هو الأول دائمًا و بلا منازع، كل ما في الأمر أنه أتم تحميل بيانات منهجه الدراسي على المادة الوراثية لخلايا دماغه! و عندما يحتاج إليها في الامتحان فهو مطمئن أنه سوف يستدعيها بكفاءة 100% حيث لا مجال للخطأ أو النسيان.
دون هوادة، تزداد كمية البيانات البشرية بسرعة يعجز التطور الهائل في وسائل التخزين الحالية عن اللحاق بها، إذن دقت الساعة للخروج من الصندوق والتفكير بشكلٍ مختلف.
بالفعل تنبه العالم ميكائيل نيمان إلى هذه المشكلة و إلى وجود رابطٍ ما بين طريقة تخزين البيانات على الأقراص الصلبة مشفرة باستخدام النظام الثنائي (0-1) وطريقة تخزين المعلومات الوراثية على شريط الـ DNA مشفرة باستخدام القواعد النيتروجينية الأربعة(A-G-T-C)، واستوحى من ذلك أنه يمكن الاستغناء عن النظام الثنائي و استبداله بالقواعد النيتروجينية على أمل تخزين المعلومات على شريط الـ DNA وبالتالي تخزين المعلومات في خلايا الإنسان، الحيوان، النبات و البكتيريا.
بما أن الحاجة أُم الاختراع، و لا توجد حاجة لمثل هذه التقنية في الستينات إذ أن الأقراص الصلبة وحدها تكفي، فقد عمّ السُبات لفترة ليست بالقصيرة إلى أن استيقظ فريق من جامعة أريزونا عام 2007 معلنين أنهم بالفعل استخدموا تتابع القواعد النيتروجينية كشفرة و لكن لم يحالفهم الحظ لتخزين شيء عليه.
جديد هذا العام أنه تم تخزين 2 جيجا بايت على شريط DNA صناعي و استرجاعها بكفاءة تامة.
حان وقت ربط الأحزمة؛ فالأرقام الآتية فلكية و قد تُصيبك بالدوار.
يستطيع 1 جرام فقط من الـ DNA تخزين 215 بيتابايت وهو ما يعادل 215 مليون جيجابايت! ويتنبأ العلماء بأن السعة القصوى للتخزين قد تصل إلى 1 زيتابايت أي تريليون جيجابايت!
الجدير بالذكر أن بيانات البشرية بالكامل على الانترنت حتى عام 2016 تُقدر ب 1.1 زيتابايت، أي أن جرام واحد فقط من الـ DNA يكفي تقريبًا لحل المشكلة، بالمناسبة يحتوي جسم الإنسان على 600 جرام من الـDNA.
الجميل في الأمر أن جزيء الـ DNA ثابت بمرور الزمن؛ نجده في الحفريات و في الجثث الفرعونية المحنطة ومن ثَم يصبح هو حلقة الوصل الوحيدة بين حضارتنا و الحضارة القادمة على الأرض إن قُدِّر لنا الفناء.
و من المميزات أيضًا أنه في حال تلف جزء من شريط الـ DNA بما يحمل من معلومات فهذا لا يعني فساد الشريط بالكامل و ضرورة الاستغناء عن كل البيانات التي يحملها؛ بل يكفي قص الجزء التالف واستبداله.
بالطبع لن يخلو الأمر من بعض المؤرقات و المشاكل التي تقبع في انتظار الحل.
أولها التكلفة الباهظة جدًا للتقنيات الطبية المستخدمة؛ إذ أن تخزين 1 ميجا بايت فقط يحتاج إلى 12400 دولار و لاسترجاعها 220 دولار!
مرورًا بأنه لا يُمكن استغلال الشريط بالكامل، فقط أجزاء صغيرة منه، و بالتالي لا بد من تجزئة الملفات الكبيرة و هذا لا يبدو عمليًا بالمرة.
انتهاءً عند سرعة السلحفاة لتحميل البيانات و التي لا تتعدى 200-300 بايت/ثانية ، مجرد تخيل أنني قد أقضي يومي كاملًا لتحميل صورة واحدة يُصيبني بالاستياء.
و لكن لا يدخر العلماء جهدًا لإذابة كل هذه المشاكل في خلال 50 عامًا؛ ليتم قص الشريط لعصرٍ جديد يصبح فيه البشر حواسيب متحركة بذاكرة كمبيوترية بالمعنى الحرفي.
إعداد: آية كرم
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز