بمجرد نظرة سريعة متفحصة نسبيًا ستجد أن معظم دول العالم تعيش في حالة من انعدام الأمن الغذائي أو على الأقل مهددة بها.
تشير الإحصاءات التي أجريت عام ٢٠١٦ أنّ ١٠٨ مليون شخص يعيشون في مجاعات، وهذا يكشف الستار عن الكارثة المهدِّدة لنا؛ إذ يمثِّل هذا العدد زيادة في عدد الجوعى عن عام ٢٠١٥ بنسبة ٣٥%، فعلى سبيل المثال يوجد في اليمن ١٧ مليون جائع، وفي جنوب السودان ٤.٩ مليون جائع، وفي الصومال ٢.٩ مليون جائع يطلقون نداءات الاستغاثة مطالبين بوضع الحلول.
كما أن الإحصاءات المُجراة في عام ٢٠١٧ غير مبشِّرة، فحتى الدول الآمنة غذائيًا قد تتهدد بحدوث المجاعات يومًا ما؛ فربما تتآكل الأراضي الزراعية أو يزحف السكان عليها في ظل الزيادة السكانية الهائلة مطالبين بوجود بدائل غير تقليدية لتوفير الغذاء.
وقد كان، فقد لاح أمل جديد لتوفير الغذاء بطريقة علمية؛ عن طريق المولِّد الحيوي والذي يقوم بصنع الغذاء من الكهرباء. تقوم فكرة هذا الجهاز على تصنيع الطعام باستخدام بعض المواد الخام البسيطة؛ فهي تقوم على خلية وحيدة البروتين تستغل المواد الحيوية كالماء، وثاني أكسيد الكربون والميكروبات. وتتطلب وجود الكهرباء في جهاز يسمى المولِّد الحيوي “Bio-reactor” يعمل بالطاقة المتجددة.
يقوم هذا الجهاز بتحليل تلك المواد كهربيًا فينتج مسحوق مكون من نسبة ٥٠% بروتين، ونسبة ٢٥% كربوهيدرات، كما تتغير نسبة هذه المواد بتغير نسب المواد الخام المستخدمة في الجهاز. يقول العالِم (چوها بيكا بيتكانين) في المركز التقني بفنلندا: “نحن نركِّز حاليًا على تطوير هذه التكنولوجيا، عن طريق إقامة هذا الجهاز وما يتطلبه من تقنيات من أجل التحكم في تلك العملية، ونأمل أن يعمل هذا الجهاز بكفاءة عالية في مدة قد تصل إلى عشر سنوات بعد صدور التشريعات المناسبة ليصل إلى الأسواق”.
ولعل أهم ما يميز هذا الجهاز هو إمكانيته للعمل في ظروف طبيعية، فلا يحتاج إلى درجات حرارة معينة، أو رطوبة خاصة، أو كميات من الماء ربما تصل إلى الهكتارات كما في الزراعة الطبيعية. عالميًا سيساهم الجهاز في خفض الانبعاثات الناتجة من صناعة اللحوم إلى حوالي ١٤-١٨%، ويرى العالِم (چوها بيكا بتكانين) أنّ مستقبل هذا الجهاز يكمن في قدرته على القضاء على المجاعات في المناطق النائية، والتي لا تصلح لزراعة المحاصيل، كما أن للجهاز قدرة على العمل تحت أية ظروف؛ فيستطيع توفير الاحتياج اليومي من الغذاء في تلك المناطق. ويمكن استخدام هذا الطعام المكدس في مسحوق قليل لرواد الفضاء، فيستطيع المسافرون للمريخ في مشروع (إيلون ماسك) القادم استخدام هذه التقنية في توفير الغذاء لهم في المستقبل. وذلك لأن عمل هذا الجهاز يتوقف على مواد بسيطة وطاقة متجددة ومستمرة لسنوات، فهل سيساعدنا الجهاز في احتلال الكواكب الأخرى كالمريخ؟
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز