في أوغندا وفي إحدى السنوات يدخل Sartore إلى كهفٍ تُسقّفه الخفافيش وتفترشهُ الأفاعي والكوبرا كعادة مغامراته لالتقاط بعض الصور المثيرةِ والحركات الخاطفة في وضح النهار، وقبل أن تبدأ رحلة الخفافيش في البحث عن المؤن، اتخذ الإجراءات اللازمة لحمايته، حمل كاميرته، وتمت مهمته بنجاح، ثم ابتعد عن الكهف الملغوم مئات الخطوات ليخلع عن نفسه معدات الحماية وقناع التنفس، لكنه لم يكن يدرِي ما الذي يتبَعهُ من الخلف.
Joel Sartore مصوّر أمريكي ومؤلف ومؤسس قسم “Photo Art” بمجلة ناشيونال جيوغرافيك، والذي يحوي أرشيفًا يحتوي على أكثر الطيور ندرة والحيوانات التي توشك على الانقراض؛ على أمل أن يتحرك العالم يومًا ما لأجلها حاملًا شعاره على الدوام
“I want people to care, to fall in love and to take action”
عاش Sartore حياته متنقلًا بين أكثر من أربعين
دولة، يُثبّت كاميرته أينما ناسبه المكان ولو على الجثث، كان أقصى ما يواجهه أن يسرق قردٌ بعضًا من طعامه لكنه كان يعرف خلاصة الأمر..
“It’s not the lions or the bears that get you, it’s the little stuff!”.
الصخب الهائل فوق رأس Sartore بعد مغادرته دفعه للنظر للكهف الملعون، ونظرةٌ منه كادت أن تودي بحياته؛ إذ صفعهُ سائل ساخن في عينه اليسرى انطلق من فم الخفافيش، لكنه على كل حال تمكن من الهرب.
“You shouldn’t go there, Marburg circulates in the cave”
كان هذا الرد صاعقًا من قبل السلطات على Sartore؛ فـ Marburg virus أحد أخطر الڤيروسات الشهيرة التي تصيب البشر مثل الإيبولا تمامًا، وقد ظهر بدايةً فيMarburg الألمانية قديمًا قبل أن يصيب أوغندا العام الماضي.
يسبب الفيروس ما يسمى بالـ “hemorrhagic fever”
أعراضه صداع وارتفاع في درجة الحرارة ونزيف بأي وقت، وتتراوح فترة حضانة المرض من ثلاثة أيام إلى ثلاثة أسابيع، وهي ما تحبسه في غرفته وحيدًا، في حين لم يتوقف العالم من حوله، يأتيه طعامه أمام باب غرفته، يراقب عيد ميلاد ابنته من بعيد، ينزع ساعة الحائط؛ فصوت دقاتها من الممكن أن يوقف دقات قلبه، يتفقد درجة حرارته ربما مرتين في الساعة أو قد يشعر بصداع شديد، لكنه بالرغم من ذلك أصبح يقدر عائلته وحياته ويمتن لما وهبه من حياته لأجل إنقاذ المخلوقات الأخرى.
انتهت الأسابيع الثلاثة، وانتهت مدة العزل بالمشفى من بعدها، ولربما كان ما قدمه المصوّر المبدع طيلة حياته قد كوفئ عليه بميلاده مرةً أخرى، ليعود للعالم من جديد ويعاود الكتابة عن تجربته هذا العام، ويُعلّمنا أن كل عمل مهما بدا لك صغيرًا في الحجم هو كبيرٌ بالشغف والبحث والصبر، والمخاطر التي لابد أن تحذرها، وأن ما وراء الكواليس دائمًا أعظم.
إعداد: شروق محسن
تحرير: ريهام الجيوشي
تدقيق لغوي: عبدالرحمن العدل
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز