أتعلم أن عدد اللقاحات التي يمكن أن تتلاقها خلال حياتك قد تصل إلى حوالي عشرين لقاح؟ أي أنك محصن الآن ضد ما يقرب من 20 مرض —منها أمراض فتاكة كداء الكلب Rabies و الدرن Tuberculosis— وإذا ما قررت أن تدرس طب المناطق الحارة أو أردت أن تسافر إلى بلد ما بها مرض وبائي منتشر, فستحصل على التطعيم المناسب ضد هذا المرض أيضًا ولن تضطر للمجازفة بحياتك في وجه هذه الأوبئة.إذن, فنحن ندين بحياتنا لعدة علماء كانوا وراء اكتشاف اللقاحات ومنهم عالم الكيمياء الفرنسي: لويس باستور.
ولد لويس باستور عام 1822 في شرق فرنسا ودرس الفيزياء والكيمياء حتى أصبح أستاذًا للكيمياء في جامعة ستراسبورغ, ثم بدأ باستور يبحث عن سبب تخمر وفساد السوائل المغذية كالألبان, فلم يكن المجتمع العلمي آنذاك مقتنع بتسبب البكتيريا أو الجراثيم في التعفن أو الأمراض, ولكن تجارب باستور أثبتت أن نمو هذه الكائنات الدقيقة هو السبب في التخمر و أن إصابة هذه الكائنات لبعض الحيوانات والانسان هي السبب في الأمراض التي وقف الطب امامها عاجزًا لفترة زمنية كبيرة.
وبذلك يعتبر لويس باستور هو منشئ نظرية “جرثومية المرض” التي كانت الخطوة الأهم في معركتنا مع البكتيريا والفيروسات, فقد أصبح العدو الآن معروفًا, والسؤال التالي هو “كيف سنواجهه؟”
وجد باستور أنه عند تسخين الألبان إلى درجة حرارة تتراوح بين 60 – 100°C, لا يفسد اللبن؛ حيث يتم القضاء على البكتيريا بالحرارة, وسميت هذه العملية “بسترة” Pasteurization نسبة إليه. وظهرت أهمية عملية البسترة أيضًا فيما بعد عندما أصبحت طريقة لتعقيم الأدوات الجراحية .
كان للويس باستور خمسة أطفال, توفى منهم ثلاثة بسبب حمى التيفوئيد… فدفعه ذلك إلى مواجهة هذه الأمراض والقضاء عليها قبل أن تتسبب في مآسي اخرى وتفقدنا احبائنا, وفي عام 1885 عندما انتشر داء الكلب Rabies, الذي كان يقضي على 100% من ضحاياه, لم يقف باستور مكتف اليدين وبدأ يبحث عن طرق للحصول على تطعيمات صناعية في المعامل.
وبالفعل نجح باستور في إضعاف البكتيريا أو الفيروس المسبب للمرض للحصول على لقاح لداء الكلبRabies , ولقاح ضد الجمرة الخبيثة Anthrax وكوليرا الدجاج Chicken Cholera.
أصيب باستور منذ عام 1868 بالشلل الجزئي ولكن لم يوقفه ذلك عن مواصلة أبحاثه فانشأ معهد باستور بباريس وهي مؤسسة مختصة بأبحاث علم الأحياء والميكروبات والأمراض واللقاحات, والجدير بالذكر أن ثمانية من علماء معهد باستور تمكنوا من الحصول على جائزة نوبل في الطب. يتذكر التاريخ الآن باستور كأب لعلم الأحياء الدقيقة في الطب وكعالم انقذ حياة الملايين من خلال لقاحاته, فهو ليس فقط مخترع عملية البسترة التي تمكنك من تناول كوب الحليب الصحي دون أن يكون فاسدًا.
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز