أشعر بك الآن وقد أثلج العنوان صدرك وغمرك بالارتياح. فكم من محاضرة قمت بحضورها فقط من أجل ملء دفتر الغياب بذلك الاسم الذي تتمنى لو لم يسمونك إياه حتى لا تضطر لكتابته في كل من تلك المحاضرات المملة.
أو أنك تذهب فقط لإرضاء ضميرك الذي قد تكرهه في منتصف المحاضرة أو قبل ذلك عندما تكتشف أن العائد الوحيد هو الملل والضجر.
هذا ما وعته إدارات كليات الطب الأمريكية فقررت تحقيق حلمنا جميعًا… إلغاء المحاضرات!
يقول بعض العلماء أن العائد العلمى بعد حضور المحاضرة هو 10% فقط، وهو رقم ضئيل بالنسبة للجهد المبذول والوقت الضائع. لذلك فكر بعض العلماء بتغيير نظام التعلم من إلقاء وتلقي للمحاضرة إلى نظام تفاعلي يقوم فيه الطلاب بالسعي وراء المعلومات بأنفسهم ومحاولة فهمها جيدًا وحتى شرحها للزملاء، مما يجعل استيعابها و ثباتها في المخ أفضل؛ حيث أنه عندما يعمل عقل الطالب على المعلومات سيقوم بتذكرها بشكل أسرع من مجرد تلقي قد يشرد خلاله الذهن بسهولة شديدة.
في تجربة لإحدى الجامعات الأمريكية، قسم الطلاب على مجموعات تتكون كل منها من ستة أفراد يطلب منهم حل الواجب الجامعى قبل تلقي الدرس بيوم وليس بعده. هنا يبحث الطالب ويقرأ ويختار مصادره بنفسه حتى يستوعب الموضوع جيدًا ويستطيع في اليوم التالي مع زملائه حل مسائل متعلقة بذلك الموضوع وحتى شرح أو توضيح بعض الأجزاء لهم ومناقشتهم فيها. دور الأستاذ الجامعي يتلخص فقط في التوجيه الصحيح للمجموعة وإدارة النقاش و التأكد من فهم الطلاب للموضوع بشكل كامل و صحيح.
أظهرت تلك الطريقة ارتفاعًا في أداء الطلاب بنسبة تصل إلى ٦%. كما كانت احتمالية رسوب الطلاب في نظام المحاضرات المعتاد أعلى بمرة ونصف من ذلك النظام التفاعلي الجديد.
هذا النظام لا يقتصر على الطب فقط، بل من الممكن تطبيقه في كل جوانب العلوم، التكنولوچيا، الرياضيات، والهندسة. ويمكن تطبيقه مع أى عدد من الطلاب لكن بالطبع كلما قل العدد في كل مجموعة كلما ازدادت الفائدة و التحصيل. كل ما نحتاجه هو تدريب الأساتذة على إدارة النقاش والإمساك الجيد بزمام المجموعة حتى لا تشرد عن الموضوع الواجب تحصيله.
و من وجهة نظر ما، قد نجد في ذلك فائدة كبيرة من التقارب بين الطلاب وأستاذهم، فيجدوا فيه الأب و الملجأ، والاستفادة من خبراته الحياتية واكتساب مهاراته فلا تقتصر الفائدة فقط على بعض المعلومات. وبالتأكيد فإن تلك الصداقة ستكون دافعًا لزيادة التحصيل وتقليل التوتر ونضمن منها إلى حد كبير استفادة الطلاب بشكل منتظم أولا بأول.
هل يمكن أن تكون جامعاتنا بتلك الصورة يومًا ما؟
ربما. و ربما تكون أنت من يبدأ بالتغيير مستغلًا مكانتك العلمية والعملية. كل ما علينا هو المحاولة والسعي نحو التغيير.
إعداد: منة مدحت
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز