تحية طيبة وبعد…
مُحدثكم الكُوارك”Quark”، أتواجد الآن في خلايا مخ القارئ الكسول عند استكمال هذا المقال، وفي جهازك اللوحي، وفي قلم كاتب هذا المقال أتطلع إلى تعبيرات وجهه الحماسية لكتابة مقال جيد، وبالتبعية قررت مساعدته؛ لأنه دارس للطب في مصر ووقته يضيق دائمًا… في الحقيقة إنني أتواجد في كل شيء
الزمان: الثانية عشرة عند منتصف الليل، المكان: بجوار كُواركين زملائي، نتواجد داخل البروتونات “Protons” والنيوترونات “Neutrons” داخل نواة الذرة، على مد البصر أمامي إلكترون”Electron” سالب الشحنة يدور في مداره.
بمناسبة ذكري للزمان والمكان، أعود بكم إلى تاريخ نشأتي، وكما يُقال “إن الجبال من الحصى” فإن الكون من الكُواركات، وتاريخي يعني نشأة الكون بأكمله، بالعودة إلى 13.7 مليار سنة…
الزمان: 00:00:00، لا يوجد وقت!
المكان: لا يوجد مكان !، ولا ندري أصلًا ما معنى المكان أو الزمان؛ إنها لحظة البداية، بداية كل شيء، ويشمل هذا الزمان والمكان، نتواجد في مكان كثيف للغاية، في درجة حرارة لانهائية في مكان يُسمى “المفردة”، عندها الوقت صفر، والمكان غير موجود. قوانين الفيزياء التي يسير بها الكون لا تعمل في هذه المرحلة، ولا نعرف عنها أي شيء، لا توجد مادة، ولا ذرات، ولا مجرات، ولا نجوم.
ثم انهار هذا السكون الميكانيكي والمعرفي من قبلنا، في زمن مقداره 10^43 جزءًا من الثانية عندها تمدد كل شيء، إنها لحظة الانفجار العظيم “Big Bang”. ومن وقتها والتمدد مستمر وكل شيء آخذ في الابتعاد؛ الموجودات تبتعد، والكُواركات في حالة كر وفر؛ تتصادم باستمرار مع مضادات الكُواركات مختلفة الشحنة وتُلاشي بعضها البعض لإنتاج طاقة، ولكن حتى هذه الطاقة لا تستطيع الفرار في الفضاء الفسيح؛ حيث لا توجد أية ثغرة للهروب.
الوتيرة ترتفع والجميع يتساءل!ولعلكم أيضًا تتساءلون؛ أين توجد المجرات والنجوم والكواكب آنذاك؟ أين تتواجد المادة؟
في الحقيقة، إن الذرات لم تتكوّن حتى الآن، الكون أشبه بـ “حساء” من الكُواركات ومضاداتها يلاشي كل منها الآخر، وسنرْوي قصة تكون الذرات في المقال القادم، إنْ حافظ الكاتب على قلمه الذي أتواجد فيه الآن .
التساؤل المُحيّر؛ ما الذي حدث قبل الانفجار العظيم؟ ما الذي قبل لحظة الصفر؟
الإجابة تكمن في اللا إجابة ، هذا السؤال غير صحيح تمامًا، حيث إن الوقت هو جزء من الكون وبالتالي من غير الصحيح أن نتساءل ماذا حدث خارج الكون وها هي نقطة الانطلاق، ولا يوجد بالتبعية ما يُسمى أصلًا خارج الكون لأن المكان هو أيضًا جزء من الكون وها هي أيضًا نقطة الانطلاق.
أعجبتكم طريقتي -أنا الكوارك- في الرواية أو لم تعجبكم فسأكْملها رغمًا عني؛ لأني لا أريد الاحتباس في هذا الزمان، وسأُتابع حتى الوصول إلى هنا مرة أخرى.
إعداد: محمد نصار
قصة الكون يرويها أصغر الجسيمات – الجزء الثاني
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز