تمر كل دقيقة وكأنها تأكل جزءًا مني؛ فأشعر بقرب اختفائي من الوجود إزاء انتهاء الوقت المتاح. لا أعلم الوقت المتاح لماذا ولكن أعلم أنني لن أنجز فيه شيئًا، ولا أعلم ما الذي يجب أن أنجزه ولكن ضميري يقتلني لعدم الإنجاز… أنظر للساعة في الدقيقة الواحدة عشرات المرات فيزداد القلق أضعافًا بداخلي، وإذا حلّ الليل أخشى النوم فيمر بي يوم لم أفعل فيه شيئًا. أصنع أطنانًا من الخطط ولكن لا أحقق منها شيئًا؛ ففي كل الحالات لن يكفي الوقت. أنا فقط في حفرة رملية تزداد عمقًا كلما مرت بي ثانية أخرى…
هذا ما نعانيه، نحن مرضى الـ”Time anxiety” أو القلق من الزمن، وما يصل إليه بعضنا هو مرحلة فوبيا الوقت “Chronophobia” الـ”Chronophobia” هي أحد أنواع الرهاب الخاص أو الـspecial phobia وهي الخوف المفرط والغير مبرر من شيء محدد كالعناكب أو المرتفعات، الفارق هنا أن في حالة الـchronophobia يكون المؤثر متواجدًا بصفة دائمة ولا يمكن تجنبه مما يزيد من القلق وسوء الحالة.
قد يعانى كثير من المراهقين من فوبيا الوقت خاصة في عصر السرعة هذا، لكن غالبية من يصل لحد الفوبيا يكون من كبار السن والسجناء؛ حيث أن كبار السن يعوّن حقيقة قرب انتهاء العمر فتكون كل ثانية تمر بمثابة متر زائد في طريق النهاية، حتى أن الأمر قد يتطور لرهاب الموت أو “death phobia”.
أما بالنسبة للسجين والذي تُسمى حالته بـ”عصاب السجن” أو “Prison neurosis”، ألا يبدو لك الأمر طبيعيًا في حالته؟
تخيل شخصا يجلس في غرفة شبه مظلمة لا يفعل شيئا يحسب لحياته سوى عد الأيام والساعات حتى خروجه، قد تظن أن مرور الوقت شيئًا جيدًا بالنسبة له، لكن إلى أن يتحرر سيظل ذلك الوقت الضائع سيفًا يقطع من حياته الكثير.
هناك مجموعات أخرى قد تعانى من فوبيا الوقت ولكنها قلة، كمن نجا من حادث سفينة أو كارثة طبيعية، أو من تعرض لصدمة ما أثناء طفولته. كما أن الصفات الوراثية قد تلعب دورًا أيضًا من وجهة نظر كثير من العلماء، وإن كان الدليل على ذلك في المرضى ما زال نادرًا.
لا تقتصر حالة الـChronophobia على الخوف من مرور الوقت بسرعة، ففي بعض الأحيان يحدث أن المريض قد يعاني من مرور الوقت بصعوبة، هي فقط حالة من عدم الإدراك الصحيح للوقت والشعور بالحبس داخل شيء أو حدث ما بدون مهرب.
كما نذكر دائمًا في الحديث عن أي فوبيا فإن الأعراض تتضمن الذعر، القلق الدائم، والاكتئاب أيضًا. عند ازدياد الحالة سوءًا نرى ارتعاش، سرعة في ضربات القلب، صعوبة في التنفس، التعرق الزائد، صعوبة التحدث، وغيرها كلما ركز الشخص على فكرة “الوقت” أو ذكره أحد بها.
قد نلجأ للأدوية عند العلاج، و لكن هذا فقط في الحالات شديدة السوء. في العادة يكون العلاج عن طريق المعالج النفسى والذي يعمل على تصحيح المفاهيم لدى المريض وتغيير فكرته عن الوقت ومروره.
إعداد: منة مدحت
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز