“نقل ذلك المريض منذ عدة أيام إلى وحدة العناية الفائقة Intensive Care Unit بالمستشفى، ظلت حالته مستقرة لأيام ولكن ما فتئ تدهورت حالته وراح في غيبوبة عميقة. اليوم، يفحصه طبيب الأعصاب ثم يخرج ليعلن وفاته رسميا إذ مات دماغه.”
الموت الدماغي Brain Death هو عبارة عن موت عصبونات قشرة المخ الذي يعقبه توقف للإشارات الكهربية الصادرة من المخ تماما، يقود الموت الدماغي إلى توقف الأنشطة الحيوية بما فيها التنفس. يعتبر الموت الدماغي سبب من أسباب إعلان الوفاة الرسمية حسب قوانين الأمم المتحدة. يتطلب إعلان وفاة الشخص دماغيا طبيب أعصاب متخصص يقوم بفحص التاريخ المرضي للمريض للتأكد من خلوه من أمراض المخ، ثم يقوم باختبار توقف التنفس Apnea Test يتبع ذلك بالتأكد من منعكسات نخاع المخ Brainstem Reflexes وهي ردود أفعال لا إرادية تؤكد سلامتها سلامة المخ ويساهم غيابها في تأكيد الموت الدماغي.
يلعب الموت الدماغي دورا هاما في نقل الأعضاء إذ تظل الأعضاء محتفظة بحيويتها لاستمرار ضخ الدماء إليها بواسطة عضلة القلب التي ما زالت تنقبض بشكل طبيعي. هناك بعض الدول (كفرنسا وإسبانيا) التي تعتبر المتوفى دماغيا متبرعا بصورة تلقائية، بينما يتطلب الأمر في بعض الدول الأخرى (كأستراليا والمملكة المتحدة وأغلب الولايات المتحدة) موافقة كتابية من المريض نفسه أو الوصي الأول. في منطقتنا العربية، ما انفكت القضية تتأرجح بين القبول الأخلاقي والجواز الديني إذ ترفض القوانين الحالية اعتبار المتوفى دماغيا متوفى رسميا يجوز التبرع بأعضائه. كان البروفيسور مجدي يعقوب جراح القلب الشهير قد تطرق إلى العوائق التي يسببها هذا الأمر في حوار قصير أجراه مع مجلة ناشيونال جيوجرافيك العربية. قال يعقوب: “نحن في حاجة ماسة في العالم العربي إلى تعميم ثقافة التبرع بالأعضاء بغية إنقاذ
العدد المتزايد من المرضى. ومع ذلك تجدنا نُعرِض عن تطبيق قوانين ومعايير الموت الدماغي التي أقر بها قادة المجتمع من علماء ومفكرين ورجال الدين.”
حرى بنا القول أنه لم يسبق أن أفاق مريض من غيبوبته بعد موت دماغه، قد تمتد غيبوبته إلى سنين بمساعدة أجهزة التنفس ولكنه متوفى وجب علينا استخدام أعضائه لحفظ حيوات أخرى.
إعداد: محمد المليجي
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز