نسمع يوميًا أقاويلًا على أفواه أناس فى المواصلات أو صديق بالعمل أو حتى أشخاص محل ثقة، ولكن أفضلنا من يقوم بالتحليل والبحث لمعلوماته.
في المدرسة الابتدائية فى صف العلوم قيل لنا أنّ الإنسان منّا لديه خمس حواس؛ السمع، والبصر، والشم ، والتذوق واللمس، ولكن القليل منّا بعد ذلك علم أنّهم أكثر من ذلك، أعلم أنّك لست مصدقًا، ولَكنك ستفعل بعد هذه (صوت لطمة قوية) إنها تؤلم، آسف! ولكنني قصدتها؛ إنه الشعور بالألم “nociception”، وأيضًا هناك “proprioception” الذي يمكّنك من اجتياز اختبار “امش فى خط مستقيم” أو “اغلق عينيك والمس أنفك”، وأكثر من ذلك؛ فالإحساس بالجوع والعطش أيضًا يعتبر من حواس الإنسان .
لا أعلم إن كنت من قاطني القرية أو المدينة، لكنّ هذه المقولة أكثر شيوعًا في القرية عندما تشكو امرأة حامل بـ”حرقان” في معدَتها، فَتجيبها تلك السيدة العجوز بكل ثقة أنّ ولدها شعره كثيف فتفرح المرأة، لا تتعجب إنّها تحدث – أرجو أن تنسى كلام السيدة العجوز- ولكن ما حقيقة ذلك؟
إنّ الرحم وهو في طريقه لِلتمدد الناجم عن نمو الجنين يضغط على باقي الأعضاء، والضحية هنا هي المعدة التي لم تَعد تتسع لما بداخلها؛ فتصعد العصارة المعدية إلى المريء وهو غير مجهز لاستقبال تلك الحموضة؛ فتبدأ المعاناة، ويسمى الألم بـ”Heartburn”
وأشياء كثيرة علي هذا النحو؛ كَالعروق الزرقاء التي تظهر في يدك الآن وهي الأوردة، وعندما سألت عن ماهية أصل اللون قالوا أنّه دم غير مؤكسچ! حقيقةً لم أرَ قط دم أزرق، والحقيقة أنّها دعابة ضوئية لا أكثر.
نسمع كثيرا من الأقاويل، لكنّ أعظمها وأخطرها ما يخص حياة الانسان؛ تخيل معى حوارًا بين طبيب أورام ومريضة بسرطان الثدى “stage 3”:
-دكتور، هل يجب تناول الغذاء القلوي؟ سمعت أنّ السرطان لا يستطيع العيش فى بيئة قلوية، أيضًا يعيش على السكر أيجب ألّا أتناول السكر؟ ماذا عن نبات الجراڤيولا؟ سمعت أنّه يقلّص من حجمه، وما رأيك في استخدام الإبر الصينية للتخلص من الآلام؟
ردّ الطبيب الذي وضع يده علي جبهته مصدومًا: أعلم أنّك سئمتِ العلاج الكيماوى، وجلساته، وسقوط شعرك، والألم، والإرهاق المستمرين، ولكن إن لم يفعل العلاج الكيماوى هذا فسيكون بلا جدوى. دعيني أشرح لكِ ما هو السرطان؛ إنّه عبارة عن مجموعة خلايا سرطانية سريعة النمو، واجبنا نحوها أن نوقف ذلك النمو، لكنّ المشكلة هنا أنّ الخلايا السرطانية واقعة بين خلايا جسدية طبيعية؛ لذا فإنّ ما سيحدث معها سيحدث مع الخلايا الجسدية أيضًا، ولكن للعلم، الخلايا مقسمة حسب سرعة النمو إلى سريعة النمو كالشعر والأظافر، وأخرى بطيئة النمو؛ لذلك عند استخدام العلاج الكيماوى ستتأثر تلك المتميزة بسرعة نموها، هذا هو الأمر.
في الحقيقة أنا لم أُتفِّه من الطب البديل، لكن لكي أكون منصفًا إنه ليس بديلًا، ولكن مكملًا؛ سأوضح بعضًا من القيل والقال؛ لا شك أنّ الخلايا السرطانية لاتستطيع العيش في بيئة قلوية، ولكن من أين لنا بالبيئة القلوية؟ أمِن الطعام القلوي كَالخضراوات والفاكهة أم من الماء القلوي؟ وكيف ذلك! هل سَيقف الجسم متفرّجًا بينما أنت تعطي له معدل حموضة قلوي؟ إن الجسم لديه ما يسمى بالـ”BUFFERING SYSTEM”، والذي يهتم بالتوازن بين الحِمض والقلوي؛ ومن هنا لن يوفر لك هذا النوع من الغذاء غير التغذية الأساسية .
أما عن السكر والسرطان فالبعض قد قارَبَ الجنون بكميات السكر المهولة التي أصبحوا يتناولونها بعد سماع تلك المقولة، بالرغم من عدم توافر أية إثباتات لصحة ذلك الكلام .
بالنسبة لِثمرة الجراڤيولا فإنّ الأبحاث على تلك الشجرة مستمرة منذ عقود، وأثبتت فعاليتها ضد السرطان؛ فهي لا توقف نموه فحسب ولكن تمنع انتقاله أيضًا، ولكن أين هي الآن؟ لماذا لم تستخدم بعد؟ أثبتت الأبحاث أنّ المادة الأساسية بها وتاني تُدعى “”Acetogenin، قد تسبب مرض الشلل الرعاش “Parkinson’s Disease” وبعضًا من التسمم العصبي “Neurotoxicity”، وأيضًا تدمير للخلايا العصبية فى المخ، وكانت هذه نهاية أولئك الذين شربوا الشاي المصنوع من أوراق تلك الشجرة.
الحسنة الوحيدة في تلك الأقاويل عن السرطان هي الإبر الصينية؛ والتي أثبتت بدون معارضات قدرتها على إراحة الآلام المصاحبة للعلاج الكيماوي؛ لأنّ الطب البديل -كما اتفقنا- علاج مكمل وليس بديلًا .
وإذا كنت تعتقد أنّك ستهزم السرطان ببعض من القيل والقال فأنت في عداد الأموات.
العلم مستمر، والبحث عن تخفيف الآلام دائم، والمصادر الموثوقة لا بد منها؛ لذا يجب الوثوق بالعلم وكفانا أقاويل.
إعداد: إنچي رستم
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز