قد تستفز كلمات عنواني أي طبيب أو طالب طب خاصة طلبة الفرقة الثالثة أو مرضى السرطان أنفسهم ولكن، دعوني أبدأ بالحديث قليلًا عن مصدر الخبر، كنت في جولتي المعتادة على مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا على Facebook الذي يعد الآن مصدرًا موثوقًا لبعض الناس للحصول على معلومة، أو تكوين رأي، أو متابعة للأحداث وغيرها، وبعد الكثير من الـ scrolling down والعديد من الصور والكلمات والأخبار استوقفتني هذه الكلمات التي استخدمتها في عنوان المقال والتي كانت عنوانًا لڤيديو انتشر انتشار السرطان بين الناس، السرطان الذي ادعى صاحب الڤيديو أنه ليس مرضًا!
وعند النظر إلى أسفل الڤيديو اندهشت بعدد المشاركات والتعليقات الإيجابية.
كان الصوت في الڤيديو يقول باختصار أن السرطان مجرد تجارة تستغلها شركات الأدوية والأطباء من أجل الكسب المادي والربح ليس إلا وأن السرطان مجرد نقص في أحد الڤيتامينات وهو ڤيتامين B17 الموجود في بذور الخوخ والمشمش أو ما يسمى باللوز المر وأن المداومة على تناوله ستحمي العالم من الإصابة بالسرطان.
السرطان “Cancer” هو مجموعة من الأمراض التي تتميز خلاياها بالعدائية (وهو النمو والانقسام الخلوي غير المحدود)، وقدرة هذه الخلايا المنقسمة على غزو الأنسجة المجاورة وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة في عملية نطلق عليها اسم النقلية “metastasis” وهذه القدرات هي صفات الورم الخبيث على عكس الورم الحميد، والذي يتميز بنمو محدد وعدم القدرة على الغزو وليس لهُ القدرة على الانتقال أو النقلية. كما يمكن أن يتطور الورم الحميد إلى سرطان خبيث في بعض الأحيان.
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي تساعد على تحول الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية ولكني لا أذكر أنه تم ذكر vit B17 في هذه العوامل التي كان من أهمها:
-الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية مثل العدوى الناتجة عن التهاب الكبد الوبائي B أو C
-وجود تاريخ عائلي بالإصابة
-التعرض المكثف للأشعة الضارة
-التدخين
-العوامل الكيميائية المسرطنة مثل الاسبستوس المستخدم في مجال البناء وتسقيف المنازل والعوازل الداخلية والخارجية وأنابيب صرف المياه والأدخنة والتهوية
-تناول المشروبات الكحولية
-الوراثة التي تلعب دورًا في بعض الحالات حيث ترتبط بحدوث العديد من الطفرات الموروثة
وفي الوقت الحالي يتم معالجة معظم أمراض السرطان وقد يتم الشفاء منها، وهذا يعتمد على نوع السرطان، وموقعه، ومرحلته.
أما عن محتوى الڤيديو فقد ذكر الدكتور خالد مصيلحى أستاذ ورئيس قسم العقاقير والنباتات الطبية بكلية الصيدلة جامعة مصر الدولية أن ما تداولته المواقع مادة طبيعية معروفة باسم “Amygdalin” وكان قد بدأ الروس استخدامه فى علاج السرطان، واستكمله بعض الأطباء في كاليفورنيا عام 1920 وقاموا باستخدامه، لكن ظهرت بعض الأعراض الجانبية شديدة الخطورة أثناء تجربتها، وأضاف أنه لا يوجد أي دليل علمي يضع هذه المادة تحت تصنيف الڤيتامينات فهي لا تتشارك مع الڤيتامينات في أي صفة.
قال أيضًا أن الـ”Amygdalin” يحتوى على عنصر السيانيد وهو عنصر شديد السمية تناوله بصفة مستمرة يسبب الصداع الشديد والدوخة والغثيان والقيء، وقد يسبب فقدان الوعي والهذيان، وما يشبه الاختناق لنقص الأوكسچين الذى يصل للخلايا، ويسبب زرقة الجسم، وقد يسبب تلف للكبد والجهاز العصبى، وقد يؤدي للوفاة في معظم الحالات، وكل هذه الأعراض قد تظهر على أي فرد يحاول تناول اللوز المر، أو قلب بذور المشمش والخوخ بصفة مستمرة، ظنًا منه أنه ڤيتامين أو دواء للوقاية أو علاج السرطان.
هناك مثل متداول في مجتمعنا يقول “اسأل مجرب ولا تسأل طبيب” اعتقدت أنا أن هذا هو المبرر الوحيد لانتشار مثل هذا الڤيديو دون التأكد من محتواه رغم أهميته، فهناك العديد من المعلومات الخاطئة المنتشرة في مجتمعاتنا العربية نتيجة الجهل والترفع عن طلب العلم من أصحابه، وهذه المعلومة ما هي إلا إبرة في كومة قش.
أخيرًا لا تصدق كل ما تقرأه أو تسمعه، ابحث وفتش وتأكد من معلوماتك قبل ان تشاركها.
إعداد: رضوة أكرم
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز