حسنًا، ها أنت ذا تتقدم حاملًا تلك الباقة من الزهور، تعلو وجهك ابتسامةٌ مشرقة، تنظر ذلك الشخص الذي ينتظرك في عينيه لتراه يبادلك نفس الابتسامة… دعنا نتفق أن الزهور التي تحملها لها تأثير ساحر على ذلك الشخص.
ثم آتى أنا —بكل سماجة— لأقاطعك، ثم أتناول باقة الزهور تلك وأقوم بالتخلص منها بأي طريقة ممكنة؛ ليس لأنني سمج بالطبع، ولكن لأن تلك الزهور التي كنت تحملها ما هي إلا وعاء جميل يحوي كمية هائلة من السموم بداخله.
ربما تكون هذه القصة غريبة بعض الشيء، ولكن صدقني عندما أقول لك أن الزهور برغم جمالها فإن بعضها سام للغاية لدرجة أنه قد يتسبب في الموت الفوري.
ربما تكون فرصك في التعرض لأحد أنواع هذه الزهور السامة نادرة بعض الشيء، ولكن تمهل معي قليلاً واقرأ؛ فما هي إلا بعض السطور التي يمكن أن يكون أحدها سببًا في نجاتك يومًا ما.
عندما نصف بعض الزهور بالسمية فهذا لا يعني بالضرورة أنها سوف تتسبب بموت الشخص المتعرض لها، و لكن تتراوح درجة السمية باختلاف أنواع وفصائل تلك الزهور. فمثلًا قد يتسبب بعضها في ألم المعدة مصحوبًا بالقيء والغثيان، مثل ما يُسمى بزنبق الوادي أو “Lily of the valley”. البعض الآخر من هذه الزهور قد يستخدم في صناعة المخدرات مثل الأفيون أو الـ “opium”، وهو غني عن التعريف. قد تبدو هذه الأعراض هينة بعض الشيء، ولكن لا تندهش عندما تعرف أن هناك من تلك الزهور ما قد يتسبب في الموت المفاجئ مثل زهرة اللحلاح “Autumn Crocus”.
الزهور السامة عديدة، و لكن دعنا نتحدث عن إحداها بتفصيل غير ممل.
زهرة البيلادونا القاتلة “Atropa Belladonna”، أو المعروفة بإسم “Deadly Nightshade”، هي زهرة تنتمي لفصيلة النباتات الباذنجانية مثل البطاطس والطماطم، ولكن على خلاف الأخيرين، فإن تلك الزهرة قادرة على قتل شخص بالغ خلال وقت قصير جدًا.
تحتوي تلك الزهرة على مادة الـ Atropine، التي وبرغم أنها تستخدم في بعض العلاجات، إلا أن الجرعة الزائدة منها قد تتسبب ببساطة في قتل شخص بالغ؛ ويرجع ذلك لقدرة الـ Atropine على منع تأثير الجهاز العصبي البارسمبثاوي “parasympathetic nervous system” على عضلات القلب و إفرازات الغدد، مما يتسبب في ارتفاع معدل ضربات القلب و الحمى، مصحوبة بجفاف الأغشية المخاطية بالجسم، و الذي يتسبب في نهاية الأمر بفشل الجهازين التنفسي والدوري مؤديًا إلى الموت الفوري.
أراك تتساءل: “وهل هناك شخص عاقل يأكل أوراق الزهور؟” الجواب حقًا بسيط؛ فإن تجفيف أوراق هذه الزهور وخلطها بطعام أحدهم أو شرابه لهي طريقة بسيطة لاستخدامه كأداة للجريمة. أضف إلى ذلك أن بعض تلك الزهور قد يتحول إلى نبات يشبه فاكهة التوت الأسود، مما يتسبب في جذب الأشخاص إليه وبالأخص الأطفال.
هل مللت؟ في الحقيقة أنا لا ألومك؛ فالشعور نفسه يراودني حاليًا. هل أضعتُ وقتك بقراءة هذه السطور؟ ليس بالضرورة، و من يدري… فلربما وجدت نفسك يومًا ما في أرض ذات تربة جيرية حيث تنمو هذه الزهور… و تذكر، ليس كل جذاب جميلًا بطبعه؛ فالمظاهر قد تكون خادعة.
إعداد: عبد الرحمن أحمد العدل
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز