قد تستعجب حين تعلم أنه قد تم التوصل للقاح واستخدامه على البشر قبل رسوخ مفهوم غسل الأطباء لأيديهم بعدة عقود. والسبب في ذلك بسيط للغاية، فقد كان الاطباء يعلموا جيدًا كيفية علاج الأمراض ومنعها لكنهم على الرغم من ذلك لم يشغلهم التفكير في كيفية حدوث المرض أو العدوى من الأساس.
Ignaz Semmelweis طبيب مجري، لاحظ ارتفاع نسبة الوفيات بين النساء في القسم الذي يشرف عليه أطباء ذكور في حين لم تكن الوفيات بتلك الكثرة في القسم الذي تشرف عليه القابلات (الداية). تحير الطبيب بعض الشيء، لكن لم تدم حيرته طويلًا فقد علم أن الأطباء الذكور كانوا يشرحون الجثث في حين لم تكن القابلات كذلك. فيحصل الأطباء على الميكروبات من الجثث وبالطبع تنتقل منهم إلى المرضى. فطلب Semmelweis من الأطباء أن يقوموا بغسيل اليد باستخدام محلول الكلور قبل التعامل مع المرضى، فقلت نسبة الوفيات بشكل ملحوظ. لذلك عليك ألا تنسى خطوات غسيل اليدين التي تعلمتها بمادة طب المجتمع حتى لا تصبح مصدر عذاب لمرضاك بدلًا من مساعدتهم على الشفاء.
في الوقت الذي ظن فيه Semmelweis أن غسيل اليدين فعال لأنه يقضي على الرائحة السيئة للميكروبات، قام غيره من الأطباء في أوروبا بافتراض نظريات أكثر وضوحًا ودقة، مثل الطبيب الإنجليزي چون سنو John Snow الذي توصل لمعرفة دور الجراثيم في حدوث مرض الكوليرا لينقذ بذلك العديد من الأرواح أثناء فترة الوباء عام 1854. كما توصل لويس باستور Louis Pasteur لحقيقة أن الميكروبات التي تظهر في طبق الحساء لا بد أن يكون لها مصدر انتقلت منه. كل تلك النظريات حول الجراثيم والميكروبات ساعدت العلماء على فهم الخصم الذي يجابههم والذي سهل كثيرًا مهمة القضاء عليه.
وإذا كنت من محبي البازلاء، فدعنا من الميكروبات وعالمها ولننتقل لعالم عظيم آخر وهو غريغور مندل Gregor Mendel، مؤسس علم الوراثة والذي توصل من خلال تجاربه على البازلاء إلى عدة قوانين مكنتنا من فهم كيفية انتقال الصفات الوراثية من الأباء لأبنائهم. قبل مندل، سادت فكرة أن صفات الأباء تمتزج وتنتقل كما هي إلى الأبناء. لكن ذلك لم يفسر وجود أبناء طوال القامة لأباء قصار القامة. فلم تكن فقرة الطفرات الچينية قد وُجدت بعد. وقد اتخذ مندل من الدير الذي أقام به مختبرًا لإجراء العديد من التجارب على البازلاء، ليتمكن من التوصل لوجود عوامل محددة للصفات المكتسبة بعضها سائد والآخر متنحي. لتُسمى تلك العوامل لاحقًا بالچينات والتي لم تساعدنا في فهم كيفية انتقال الصفات الوراثية إلينا فقط، بل فسرت كيفية حدوث بعض الأمراض أيضًا والتي سُميت بالأمراض الوراثية.
كن مثل مندل وتعلم إمعان العقل فيما يحدث حولك فقد تتوصل يومًا لما عجز غيرك عن فهمه لسنوات.
إعداد: محمد فريد
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز