لنفرض أن هناك عدو يهدِّد أمنك أو أمن بلادك وحان الوقت لوضع استراتيچية لردع هذا العدو… دعنا لا نخوض في تفاصيل الحروب لأن علمي بها محدود ولكن المنطق —والمنطق فقط— فقط يقول أنه لمواجهة عدو علينا في البداية تحديد مستوى قوته، إذا كان العدو أضعف فربما من البداية لن يهاجمك لأن خسارته ستكلفه الكثير ولكن في الأغلب سيكون العدو أقوى منك ليتكبد عناء مهاجمتك…
في هذه الحالة عليك إعادة ترتيب الأوراق لمواجهة هذا المأزق، يمكنك الاستعانة بجيشك الخاص من الجنود البواسل أو يمكنك التحالف مع أحد أعداء عدوك (وهم في هذه الحالة أصدقاؤك) حتى تستطيع الانتصار في هذه الحرب وتقليل الخسائر بقدر الإمكان.
الحروب ليست فقط بين الدول والجيوش المتناحرة لتوسيع رقعة سيطرتها ونفوذها؛ فجسمك أيضًا في حرب مستمرة ضد البكتيريا والڤيروسات وغيرها من الأعداء الذين ينتظرون أول فرصة ليكون النصر حليفهم في هذه الحرب ضد دفاعاتك المناعية التي تبقيهم طرفًا خاسرًا في معظم الأحيان إذا كانت حالتها جيدة، ومن أشرس الأعداء هو السرطان!
لمواجهة السرطان قام العلماء والقائمين على البحث العلمي في المجال الطبي بالتفكير طويلًا في كيفية مواجهة هذا العدو وقد توصلوا إلى استراتيچيات عديدة بعضها نجح مع العديد من الخسائر في المقابل, بينما فشل البعض الآخر إما لعدم إمكانية تطبيقه أو لفشله في ساحة القتال، ولكن حديثًا تم تغيير استراتيچية التفكير, لأنه من الذكاء عدم توقع نتائج مختلفة مع تطبيق نفس الاستراتيچية، وانطلاقًا من هذا المبدأ قرر العلماء التحالف مع الأعداء! لن نتحالف مع السرطان بكل تأكيد ولكن سنتحالف مع عدو أقل ضراوة منه وهو “الڤيروس”, ولكن بعد عملية بسيطة من غسيل المخ حتى لا ينقلب علينا أثناء القتال ويكلفنا خسائر مضاعفة ومواجهة عدوين بدلًا من واحد.
لقد قام العلماء بتعديل نوع من الڤيروسات وراثيًا تُسمى “Adenoviruses” حتى تساعدنا في هذه المواجهة، حيث يتم توجيهها نحو خلايا السرطان فقط ولا تمس خلايا الجسم السليمة بسوء وذلك استنادًا إلى أن هناك اختلاف في البروتينات الممثلة على كل من خلايا الجسم السليمة وخلايا السرطان، فهناك عائلة من البروتينات تدعى “CPEB” يتم تمثيل نوع منها على خلايا السرطان يسمى “CPEB4” ونوع آخر على خلايا الجسم السليمة يسمى “CPEB1” وبتوجيه الڤيروسات إلى خلايا السرطان يمكنها أن تهاجمها هي فقط ولا تلتفت لخلايا الجسم السليمة وتقوم بمضاعفة حمضها النووي داخل خلايا السرطان وتقضي عليها تمامًا ليخرج منها عددًا أكبر من الڤيروسات التي تهاجم المزيد والمزيد من خلايا السرطان وخلايا الجسم تجلس في مدرجات الدرجة الأولى لتتابع هذه الحرب وتنتظر انتصار حلفائها المعدلين چينيًا.
إعداد: عبد الحميد أحمد
صفحة الفيسبوك | الانستجرام | تويتر | تيليجرام | جوجل نيوز