معضلة الكائنات الفضائية

معضلة الكائنات الفضائية
  |   علوم

عيدًا عن تفاخر بعض منا بكونهم مخلوقاتٍ فضائية؛ إشارة منهم لتفردهم، جلس “فِيرمي” لتناول وجبته مع بعض من زملائه، ولكن ما كان يشغل بال فِيرمي ذاك الوقت لم يكن الطعام، بل احتمالية وجود مجتمعاتٍ فضائيةٍ معقدةٍ، ومتطورةٍ في مجرتنا، وكان نقاشهم بدايةً لما يُسمَّى بـ “معضلة فِيرمي”Fermi Paradox.

ربما تسائلتَ “مَن هو “فِيرمي”؟”، وربما لا، على كل حالٍ هو ليس مجرد رجلٍا عشوائيٍ يتفكر في الكون؛ “إنريكو فِيرمي” هو فيزيائيٌ حاصلٌ على جائزة نوبل عام 1938 عن اكتشافه للتفاعلات النووية التي تحدثها النيوترونات، وكان أول مَن أنتج مفاعلًا نوويًا، وقنبلةً ذريةً، ووضعَ كتاباً في الديناميكا الحرارية؛ اختصارًا هو رجلٌ لا يستهان بأفكاره.

أفترض فِيرمي أنه في حالة وجود أي شعوبٍ حضاريةٍ تمتلك صواريخ، أو مركباتٍ فضائيةٍ، وبعضًا من الرغبة في السيطرة على العالم، أو على الأقل استعمار بعض الأنظمة النجمية حولهم، إذًا فمن المنطقي أن نراهم حولنا خصوصًا أن عمر مجرتنا -درب التبانة- 13 بليون سنةٍ في حين أن 10 ملايين سنةٍ فقط كافية لاستعمار معظم الأنظمة النجمية بها مما جعل فِيرمي معروفًا بتساؤله الشهير “أين الجميع؟”.

كانت هذه هي البداية الحقيقة لمعضلة فيِرمي، ولكن أليس من غير الحكمة أن نجزم بعدم وجود أي شكلٍ آخر من الحيوات، أو الكائنات التي تستعمر الفضاء لمجرد عدم قدرتنا على رؤيتهم في الجوار في حين أننا بالكاد نرى 2,500 نجمًا فقط، والتي تمثل 1\100,000,000 من النجوم في مجرتنا؟! حيث تم تقدير عدد النجوم ما بين 100-400 بليون، ولكل نجمٍ مجرةٌ موازية؛ هذا يعني أن هناك عددً هائلًا من النجوم في حدود الكون المرئي، وهو 10^24.

من بين هذه النجوم ما هي احتمالية وجود آخر شبيه بالشمس؟ تم تقديرها بين 5-20% مما يعني أن هناك بلايين البلايين، ومن هذا ننتقل إلى ما هو أهم: أهناك كواكب أخرى شبيهة بالأرض في توافر مقومات الحياة عليها تدور حول هذه النجوم الشبيهة بالشمس؟ نعم، وقد تم تقديرها بين 22-50% من الكواكب التي تسلك مسارها حول هذا الكم الهائل من النجوم، وتم تقدير عددها ب100 بليون البليون كوكب.

حسناً خذ نفسًا عميقًا، وربما أعد قراءة هذه الفقرة لكي تستوعب التالي. هذا ينقلنا إلى أنه طالما هناك هذا العدد الهائل من الكواكب التي لها هذه الاحتمالية العالية من وجود حياة على سطحها كما هو الحال على الأرض، وفي حالة أن الحياة على ظهر هذه الكواكب تتطورت على الأقل لنفس مستوى ما هي عليه على كوكبنا، فلابد من وجود بلايين البلايين من الحضارات أيضًا، وإذا حصرنا هذه الحسابات في نطاق مجرتنا فقط وجد أنه يمكن أن يوجد 10 بليون كوكب شبيه للأرض، وعليه على أقل التقدير 100,000 حضارة.

على الرغم من هذا كله إلا أنه لم يتم رصد أي إشارات، أو موجات راديو، أو إشعاعات ليزر، أو غيرها من قِبَلِ حيوات أخرى من خلال منظمة SETI، وهي منظمة معنية بالبحث عن أي شكل من أشكال الذكاء التكنولوجي خارج الأرض ورصده.

على ما يبدو أن عملية صيد الفضائيين هذه قد فشلت لأبعد الحدود حتى الآن؛ مما يجعلنا نعود ثانية إلى تساؤل فِيرمي “أين الجميع؟”، ومما لا يوفر للعلماء سبيلًا غير وضع بعض الاحتمالات يمكنك تصفحها لاحقًا، وللذكر أيضًا أنه في عام 1980 قد نُشرت العديد من الأوراق البحثية في معضلة فِيرمي، وبدأ الصراع بين فكرة احتمالية وجود كائنات فضائية، وبين فشلنا في العثور عليها، أو ربما لأنها ليست موجودة كما جزم البعض.

وجود كواكب أخرى شبيهة بالأرض ليس مجرد أحتمالًا خصوصًا بعد اكتشاف ناسا حديثًا لنظام شمسي يبعد عنا 40 سنة ضوئية؛ يحتوي 7 كواكب صخرية أحجامها قريبة من حجم كوكبنا تدور حول نجم يسمى TRAPPIST-1.

هذه ليست المرة الأولى لاكتشاف كواكب شبيهة بالأرض ولكن الإستثنائي هذه المرة أنه يعتقد أن ثلاثة من هذه الكواكب السبعة قد تحوي ماء في حالته السائلة على سطحها وكذلك غازي الأكسجين و الميثان مما جعل ناسا والعالم متحمسين حول احتمالية وجود حياة على هذه الكواكب.

إعداد: بسمة عباس

المؤلف - ريكاب

مجلة علوم عربية تهتم بتقديم محتوى علمي لنشر الثقافة العلمية والإحاطة بكل ما هو جديد في مجالات الهواتف الذكية والإنترنت.

لا يوجد تعليقات

كتابة تعليق