عندما تضحك بلا فرح، وتبكي بلا حزنٍ!

عندما تضحك بلا فرح، وتبكي بلا حزنٍ!
  |   علوم

ما هو السبيل الوحيد لفهمِ ما يدورُ بعقلِ ذلك الذي يلقبونه بالمريضِ النفسي؟!
ربما يمكنك أن تتحول إلى مسحوق كوكايين يستنشقه هذا البائس، فتصل إلى خلاياه المخية لتستوعب —حينها فقط— ما يدور فيها.  
وكأنك حين تسمع مرض “ثنائي القطب” bipolar disorder، تتذكر ما عانيته في الفيزياءِ في حياتك، ولكنه في الحقيقة أكثرُ تعقيدًا من قانونِ النسبية ذاته.
يُدعى أيضًا هذا المرض بإسم الهوس الاكتئابي manic depression disorder بمعنى أنك قد تكون في بهجةٍ مفرطة،ٍ ولديك طاقةٌ هائلةٌ تبعثرُها، ولا يتوقف لسانُك عن الحديث عن أشياءٍ كثيرة ٍ مختلفةٍ لا تتقابلُ إلا في عقلك، وأن تكون متهورًا تقوم بالكثير من الأشياءِ المتضاربةِ في آنٍ واحدٍ “manic disorder”.  لتستيقظ في الصباح فتجد نفسك محاطاً ببؤس وحزن شديدين، ونشاطٍ محدود يخلُ من أي تركيز، تجدُ نفسَك سرعان ما تنسى ثم تشعر بالقلقِ دون وجودِ أي تفسيرٍ، ولا يتبقى أمامك سوى التفكير بشيئين “الموت أو الإنتحار”. “depression disorder”

نحن الآن أمامَ معركةٍ حقيقةٍ تدورُ بين صديقنا وذلك الوحش الذي يغيرُ أقنعتَه باستمرارٍ، يهبطُ  ليُحدثَ بعضَ التغييراتِ الفيزيائية في عقل صديقنا الذى يتفاجئ بهذا الهجوم —لا يعلم من أين هبطَ أو كيف!— قد يكون بفعل بعض الچينات، ربما بعض العواطف وتراكم الأحداث المأساوية.
أياً كان السبب فالحرب الآن غير عادلة، وصديقنا فيها يزدادُ ضعفًا كلما طالت، بل قد يصدمه بعض الأطباء بأنها لا تنتهي، ولكن البديهي أن أي حرب لابد أن تنتهي وأن احتمال الفوز متبادل دائمًا مهما تفاوتت القوى.

أما عن تجارب العلاج، فالعلاج الدوائي يعتمد على مضادات الاكتئاب، ومثبتات المزاج لمنع التقلب بين النوبات ولكن يظل للأدوية آثارها الجانبية، كما أنّ العلاج بالجلسات الكهربائية هو حل مطروح، لكن يجب ألا تنسى فقدان الذاكرة وآثاره الجانبية الكبيرة، ويعد العلاج بالجلسات مع المعالج النفسي فعالًا إلى حد ما في السيطرة على عواطف المرضى ومنع التقلبات.

لكن تلك التجارب هي التي  تقتلُ في صديقنا الكثير من وظائف العقل الطبيعية لإخمادِ ذلك الوحش، فيصيرُ العلاجُ فى حد ذاته وباءً آخرًا.
يقولون أن ذلك المرض يصيب عادة العلماءَ والعباقرةَ والمبدعين، فعلى سبيل المثال (الشاعر صلاح جاهين، الشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا، الممثلة مارييت هارتلي، الأديبة فرچينيا وولف، وأي شخص آخر —قد وضع إسمه هنا أو لم يُوضع— عظيم).

فهم ليسوا كما يلقبهم البعضُ بالمرضى النفسيين، هم مقاتلون شجعان اختارَهم ذلك الوحش من بينكم لأنهم متميزون.
لن أخبر أحدًا أن يتخيلَ نفسه في موضعِهم حتى يستوعبَ جزءً يسيرًا من معاناتِهم، يكفى فقط حقيقة أنهم أناسٌ يضحكون ويبكون بلا فرحٍ ولا حزن.

إضطراب ثنائي القطب أحد أشهر الأمراض النفسية تاريخيًا، ولكن إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن الأمراض النفسية الأخرى مثل إضطراب الشخصية الانفصامية يمكنك تحميل عددنا السادس، وفهم المرض الذي تمّ بناء فيلم Split على أساسه.

يمكنك التحميل من هنا:
http://bit.ly/2kgFqyK

إعداد: عمر وجدي

المؤلف - ريكاب

مجلة علوم عربية تهتم بتقديم محتوى علمي لنشر الثقافة العلمية والإحاطة بكل ما هو جديد في مجالات الهواتف الذكية والإنترنت.

لا يوجد تعليقات

كتابة تعليق