رحلة الى الجانب المظلم من الكون

  |   فلك

تخيل أنك استيقظت يوما في غرفة مظلمة، فوقفت مندهشا من حالتك هذه، أين أنا؟ ماهذا الفضاء؟ما أبعاده؟!
ثم بدأت بإشعال عود ثقاب فظهرت جدران الغرفه ثم أشعلت عودا آخر فإتضح لك ملمح آخر من ملامحها، ومع كل عود ثقاب تتعرف على شىء جديد فيها، إنه الفضاء الخارجي.

هكذا نحن مع الفضاء الخارجي، نتعامل فقط مع كل ماهو مضيء على الرغم أنه يشكل 4% فقط من الكون ولكن ماذا عن المادة السوداء “dark energy and dark matter” التى تشكل أكثر من 96% من محتوى الكون ؟!

لقد كان اكتشافا صعبا على العلماء استنتاج وجودها فهي مادة سوداء لا تمتص الضوء ولا ينبعث منها، إذن كيف تم الاستدلال على وجودها؟ في عام 1933 قام العالم زويكى بحساب سرعة دوران عدة مجراب تعرف باسم ” COMA system or COMA cluster of galaxies” حول مركزها ومن ثم قدر كمية كتلة الأجسام المرئية بها.

لقد وجد شيئا غريبا! حتما لابد أن هناك شيء مفقود؛ كانت تلك المجرات تدور بسرعة رهيبة حول مركزها لا تتناسب مع الكتلة المرئية التى تم رصدها، كان ينبغى أن تكون الكتلة المرئية أكبر ب 400 مرة كي تفسر تلك السرعة الرهيبة فكما نعلم من قوانين أينشتاين ونيوتن أنه كلما زادت كتلة المادة زادت سرعة دورانها حول مركزها، إذن لابد أن هناك شيئا آخر يؤثر في حركتها، لابد أنها تلك المادة السوداء.

لولا وجود هذه المادة لتمزقت تلك المجرات إربا؛ فهي تمسك بالكواكب والنجوم من حولنا، تزيد من سرعة دورانهم ، حيث أنها مادة سوداء جاذبة، وجاذبية المادة السوداء مكنت العلماء من رسم خرائط لها في الفضاء عن طريق انكسار الضوء إذا مر خلالها بما يعرف باسم عدسة الجاذبية “gravitation lens” إذا ما هي هذه المادة؟ هل تتكون من برتونات ونيترونات وإلكترونات مثل أي مادة؟ أم أنها تتكون من جزيئات لم تعرف بعد ؟!

لابد أنها ثقيلة نوعا ما، كما أنها مظلمة، لكن دعنا نرجع إلى الوراء إلى لحظه الإنفجار العظيم “Big Bang” التي اعتبرها العلماء وقت ميلاد المادة السوداء، حيث إنها تجمعت ببطء شديد على مر الزمن، كشبكة كونية مثل شبكة العنكبوت، حيث توجد خيوط من المادة السوداء وتتشابك هذه الخيوط مثل نمط سقالات البناء لذا فهي هيكل البناء التي ترتكز عليها المجرات اللامعة التي نراها بسهولة، هو الذي نراه من المجرات، هي الهالة أطرافها الخارجية حيث النجوم المشعة أما قلب المجرة فما هو إلا المادة السوداء.

كثيرا ما تساءل العلماء عن التوزيع العشوائي للمجرات في الفضاء، ولكن الآن يعرفون السبب؛ وهو جاذبية تلك المادة السوداء، ومع ذلك العلم لم يثبت بشكل مباشر وجود جسيمات المادة، فرصد شيء لاتراه ليس بالأمر السهل، إذا انجلى أسرار تلك المادة التي تكون معظم الكون فإن مصير الكون قد يتم اكتشافه هل سيتحطم ويحترق عبر انسحاق شديد بسبب الجاذبية؟! أم أن المادة السوداء ستمزق الكون اربا؟


إعداد: هاجر محمد
تدقيق: بسمة عباس

المؤلف - ريكاب

مجلة علوم عربية تهتم بتقديم محتوى علمي لنشر الثقافة العلمية والإحاطة بكل ما هو جديد في مجالات الهواتف الذكية والإنترنت.

لا يوجد تعليقات

غير مسموح بالتعليق حاليا.