رجال الأخضر ونساء المينت جرين

  |   علوم

“التصنيع حسب الطلب” مفهوم يتم تطبيقه في الوقت الحالي في عالم السيارات الفارهة وخاصةً في العملاق الصاعد “Tesla”؛ حيث يتيح لك اختيار تصميم كافة أجزاء السيارة من الداخل والخارج، لكن هل يمكن أن نطبّق ذلك على البشر؟ هل يمكن أن يكون طفلك القادم “مولود حسب الطلب”؟! وهل تريده موسيقارًا مثل “شوبان”، أم عالمًا مثل “فاينمان”، أم لاعب كرة مثل “زيدان”؟

كل البيانات المطلوبة موجودة ومخزّنة في الحمض النووي البشري، والذي يتكون من چينات وكل چين يتكون من أربع قواعد نيتروچينية؛ وهم السايتوسين، الجوانين، الأدينين، والثيامين، وتترتب هذه القواعد على شكل أزواج يصل عددها إلى 3 مليار زوج.
ببساطة يمكن وصف الحمض النووي بأنه مخطط لكل شيء، بدايةً من وظيفة كل خلية بداخلك، ونهايةً إلى لون شعرك وعينيك.

الفكرة تكمن في معرفة “مكان” ما تريده على الحمض النووي، فلون العين مثلا يتكون من بعض الچينات المتداخلة مع بعضها بترتيب معين.بالتالي أي خلل أو تعديل -ولو في چين واحد- يمكن أن يؤدي إلى طفرة -كلون العين الأزرق- أو مرض مثل “Huntington’s Disease” أو”Cystic Fibrosis”.
ماذا عن الذكاء إذًا؟ هل يمكن اعتباره كصفة مثل لون الشعر ببساطة يمكن تحديد الچينات المسؤولة عنه؟

في الواقع، حتى صفة لون الشعر ليست سهلة، فالموضوع معقد وصعب جدًا؛ الذكاء لا يخضع إلى قوانين (مندل) في الوراثة، ولا يمكن للعلماء تحديد الطفرات المسؤولة عن النبوغ والذكاء، لكن لحسن الحظ -وفي خطوة تجعل المستحيل ممكنًا- هناك مشروع ضخم قائم حاليًا يقوم به معهد”Beijing Genomics Project”، ويهدف إلى جمع بيانات وراثية لأكثر من 20 ألف شخص لديهم معدل ذكاء “IQ” يتعدى 150. الهدف هو البحث عن الأنماط المشتركة في چينات كل هؤلاء الأشخاص وربطها معًا لإيجاد الچينات المسؤولة عن الذكاء.

المشروع صعب للغاية ويحتاج إلى سنوات من البحث، لكن إن تم الوصول بالفعل إلى الچينات المحددة للذكاء، هل من الأفضل تعديلها في البشر المولودين باستخدام التقنيات الموجودة حاليًا مثل “CRISPER”؟ أم ندع الأمر من البداية -قبل تكوين الجنين- للآباء بأن يختاروا صفات أبنائهم حسب التسلسل الوراثي للأجنة المحتملة؟

بالطبع لا ننسى الجدل القائم والمستمر حول أخلاقيات الهندسة الوراثية البشرية وهل يعتبر ذلك تدخلًا في “الخلق”. من الممكن قبل أن ننتهي من تلك النقاشات، أن نكون بالفعل أقرب من أي وقت مضى إلى إنسانية “أكثر ذكاءً” لا تحتاج إلى نقاش.

إعداد: محمد داوود

المؤلف - ريكاب

مجلة علوم عربية تهتم بتقديم محتوى علمي لنشر الثقافة العلمية والإحاطة بكل ما هو جديد في مجالات الهواتف الذكية والإنترنت.

لا يوجد تعليقات

كتابة تعليق