العدو الغامض!

العدو الغامض!
  |   علوم

يجب أن تحترم عدوك! هذه هي القاعدة الأولى للحرب. أعد اسلحتك! وانظر جيدًا في عيني عدوك. ولكن انتظر! إنه فقط يوجه إليك اللكمات وأنت تعجز عن الرد، انتبه الآن فالصفعة القادمة ستكون قوية كالعادة.

تعبت؟ حسنًا حان وقت النهوض من جديد يجب فقط أن تبدأ بطريقة سليمة هذه المرة فلنحدد من هو العدو… أولا إنه “السرطان” Cancer.
يُعد السرطان أحد أكثر الأمراض المسببة للوفاة بل حاليًا هو السبب الثاني للموت، بمجرد أن يصاب أي شخص بهذا المرض, يدق ناقوس الخطر كأنه هو الطريق الذي لا رجعة منه. ولكن أنت تعرف هذا مسبقًا! لن أحدثك عن أسبابه أو طرق علاجه فربما تكون أكثر معرفة مني بذلك, فالمعلومات عنه لا نهائية كما تعلم ولكني سأتطرق فقط إلى إحدى الطرق الجديدة للكشف عن وجود الخلايا السرطانية في الجسم والتحديد الدقيق لأماكن تجمعات الخلايا السرطانية.

وذلك عن طريق تقنية “التصوير الجزيئي” Molecular Imaging وهي تقنية تتبع للمسارات التي تتخذها بعض الجزيئات وأيضًا سلوكياتها داخل الجسم, وذلك بعد إضافة بعض التعديلات عليها باستخدام جزيئات ذهب معدلة Modified Gold Particles للتعرف على الخلايا السرطانية حيث يتم حقن هذه الجزيئات داخل الجسم، وبإنتشار هذه الجزيئات في الجسم تتجاهل الخلايا السليمة، وتتركز في الخلايا المسرطنة لتعمل كإشارات تدل على وجود العدو في هذه المناطق فهي فقط تعمل كجواسيس متناهية في الصغر… ممتع أليس كذلك؟ ولكن ما المميز في هذا الأمر عن ما كان يحدث من قبل؟

في السابق كان يتم حقن جزيئات سكر في الجسم فتتجه هذه الجزيئات إلى القلب باعتباره من أكثر الأعضاء استهلاكًا للسكر كما تذهب أيضًا إلى المثانة باعتبارها المكان الرئيسي لخروج هذه الجزيئات بالإضافة إلى أماكن تركز الخلايا السرطانية بسبب زيادة معدل انقسامها مما يستهلك جزيئات السكر. هذا جيد, صحيح؟ آسفة لتخييب ظنك ولكن لا.

فهناك ملاحظة يجب عليك أن تنتبه إليها، وهي أن ظهور هذه الكتل يتطلب أن يكون على الأقل بالكتلة مئة مليون خلية على الأقل! وهناك كتل أخرى يكون بها آلاف الخلايا لا يمكن أن تظهر بهذه التقنية مما يجعلها مخفية عن العيون وقادرة على الهجوم حتى بعد الاعتقاد أنه تم مسح جميع المنطقة، وهذه الكتل تظهر بإستخدام تقنية جزيئات الذهب الحديثة بسهولة.

السؤال الآن ما فائدة كل هذا في المجال العملي؟ الأمر حيوي صدقني لم يضع وقتك هباءًا، أنت تعلم أن الطبيب عند إزالة أي ورم من أي منطقة يضطر أيضًا أن يزيل بعض الأنسجة السليمة حتى يتأكد تمامًا أنه تم القضاء على كل الخطر وبالرغم من ذلك, في 80%-90% من الحالات يعود المرض مرة أخرى, يرجع ذلك إلى لجوء الطبيب إلى الخبرة في هذه الحالة حيث يكون كل من الخلايا السليمة والسرطانية متشابهة على مستوى النظر العادي للطبيب، فيضطر أن يميز بينهما من خلال يده, فإذا كانت صلبة تكون نسيج سرطاني وإذا كانت لينة تكون نسيج سليم وهذا في النهاية يكون أمر تقديري.

تم تطبيق هذه التقنية على الفئران بعد حقن خلايا سرطانية في المخ ثم حقن الفأر بجزيئات الذهب وطُلب من الطبيب أن يتعامل مع الورم في مخ الفأر كأي ورم في مخ الإنسان وبعد العملية أظهرت النتائج أن هناك خلايا سرطانية أظهرتها جزيئات الذهب لم يصل الطبيب إليها.

أخيرًا، يتم الآن العمل للوصول بهذه التقنية إلى متابعة الخلايا السرطانية واستجابتها للعلاج في المستقبل القريب. فإذا تم ذلك, ستصبح الحرب متكافئة قليلًا.

إعداد: جهاد مدكور

المؤلف - ريكاب

مجلة علوم عربية تهتم بتقديم محتوى علمي لنشر الثقافة العلمية والإحاطة بكل ما هو جديد في مجالات الهواتف الذكية والإنترنت.

لا يوجد تعليقات

كتابة تعليق