أحدهم يغزو جسدك – الكايميرا

الكايميرا
  |   علوم

ما هذا؟ لا أصدق! كيف لشخص واحد أن يحمل مجموعتين مختلفتين من الأحماض النووية؟ كانت هذه الكلمات التي نطق بها طبيب المعمل المسؤول عن فحص عينات الدم عام 1953م، وذلك عند فحصه لعينة دم لسيدة بريطانية قد تبرعت بالدم فقط بدافع الخير، فهذه الحيرة التي أصابت الطبيب وتلك التساؤلات كانت نقطة انطلاق للبدء في تفسير الغريب من الظواهر المتعلقة بعلم الچينات والتي لم يوجد لها دليل وقتها، فقد توالت الأبحاث التي انتهت بإثبات -وتبعًا لأيرن مارتن- أن تلك هي أولى حالات “الكايميرا” البشرية Chimera.

لكن ما هي الكايميرا؟ لقد تمثلت في أسطورة يونانية على هيئة وحش نافث للنار له رأس أسد، وجسد ماعز، وذيل أفعى. ألا تعتقد أن الأمر اتضح قليلا؟ فالأمر يبدأ بجنين ابتلع توأمه! نعم هذا يحدث ففي الفترة الباكرة من الحمل عندما تلقح بويضتان بحيوانين منويين وتصبح كل منهما بيضة ملقّحة zygote قد يحدث بينهما التحام ينتج عنه كتلة واحدة من الخلايا الجذعية التي يمكنها تكوين مختلَف الأعضاء لجنين واحد يحمل مجموعتين من DNA وحين يأتي دور جهاز المناعة سيتعرف على كلتا المجموعتين على أنهما خلايا الجسد وليست أجساما غريبة و هو ما يفسر عدم مهاجمة الجهاز المناعي للكايميرا.

إذًا كيف يمكن إدراك أن هذا الشخص كايميرا؟ هل نترك الأمر للصدفة أم أنه للكايميرا أعراض ودلالات؟ دعنا نضع بعض الفرضيات إذا كانت الخلايا المختلفة ليس لها وجود ظاهريًا فإن هؤلاء لا يدركون أنهم كايميرا، قد تكون أنت أو أحد أفراد أسرتك، فالأمر يُكتَشَف مصادفةً كما في عمليات زرع النخاع إن كان الشخص كايميرا الدم أو في فحوصات إثبات النسب أو حتى بعد الموت، أما إذا كانت تلك الخلايا من وظيفتها إبراز إحدى الصفات الشكلية كلون الشعر و الجلد والعيون يصبح من السهل اكتشافها، وقد يصبح الأمر كارثيًا إذا كانت الخلايا من الجنس الآخر فتنتج ذكرًا لكنه أنثى ظاهريًا أو العكس مما يؤول إلى اختلاف الميول والاهتمامات لديهم لكن يبقى أمر اكتشافهم أيضًا سهلًا.

ولم تتوقف الكايميرا هنا فالأمر قد يحدث في نطاق طبيعي قد يحمل منفعةً أو ضررًا وهذه الحالة تعرف بالـmicrochimerism والتي تحدث بين الأم وجنينها؛ فقد تهاجر بعض خلايا الجنين إلى دم الأم -وقد يحدث العكس- لتتخلل أعضاءها وعلى وجه الخصوص المخ، وآلية حدوث ذلك غير محددة خاصةً وأنّ دم الأم منفصل عن دم الجنين، لكن لربما قد يحدث تمزق دقيق في المشيمة يسمح بهجرة تلك الخلايا، وقد ثبت ذلك من خلال فحص سيدات قد مِتن أثناء أو بعد الولادة، فالخلايا الجنينية التي وجدت في السيدة التي ولدت ذكرًا كانت تحمل الكروموزوم Y وهذه الخلايا تتواجد في جسد الأم مدى الحياة محدثةً أضرارًا كالأورام و الأمراض المناعية أو على النقيض قد تأتي بمنفعة؛ إذ أثبتت الأبحاث مدى حماية هذه الأم من أمراض الجهاز العصبي المركزي كالزهايمر.

وحقيقة احتمالية كونك كايميرا أو أحد المحيطين بك لا تنبغي أن تقلقك، لكن يجب أن نأخذ تلك الحقيقة بعين الاعتبار خاصةً لما أحدثت في الآونة الأخيرة من إرباك في قضايا إثبات النسب؛ كأنثى لديها مبيضان من DNA مختلف سيصبح ابناؤها المولودين من رحمها ليسوا أبناءها، والقضايا الجنائية عندما يتواجد حمض نووي لكايميرا في مسرح الجريمة، بخلاف تأثيرها في العديد من العمليات الطبية كنقل الدم والأعضاء.

إعداد: إنچي رستم وأبرار عيد أبو زيد

المؤلف - ريكاب

مجلة علوم عربية تهتم بتقديم محتوى علمي لنشر الثقافة العلمية والإحاطة بكل ما هو جديد في مجالات الهواتف الذكية والإنترنت.

لا يوجد تعليقات

كتابة تعليق